لم تكن سجدات محمد صلاح بعد تسجيله أهدافا مهمة لفريقه ليفربول الإنجليزي، مجرد احتفال بإنجاز مهمة على أكمل وجه، بل أيضا مشاهد تسهم في تغيير الصورة النمطية للإسلام عند الغرب، عبر كرة القدم.
ومع انتشار عدد من اللاعبين المسلمين في الدوري الإنجليزي الممتاز، سلطت الصحف الضوء على هذه الظاهرة، التي قالت صحيفة “غارديان” البريطانية في تقرير حديث لها، إنها أدت إلى تغيير نظرة المشجع الإنجليزي للإسلام بشكل عام.
ومن الأمثلة على بوادر تغيير النظرة تجاه الإسلام في إنجلترا، تلك الأغنية التي يرددها مشجعو ليفربول، أحد أكثر الأندية شعبية في بريطانيا، التي تقول: “إذا كان جيدا بالنسبة لك فهو جيد بالنسبة لي.. إذا سجل أهدافا أكثر سأصبح مسلما أيضا”، ويتم غناؤها كلما تألق صلاح، هداف الفريق هذا الموسم.
وتنتهي الأغنية بكلمات: “هو جالس في المسجد.. هذا هو المكان الذي أريد أن أكون فيه”.
وتأتي هذه الكلمات بشكل معاكس تماما للصورة النمطية التي تكونت مؤخرا في أوروبا عن المساجد والمسلمين، نتيجة هجمات إرهابية متكررة في بريطانيا بالأعوام الأخيرة، ينفذها متشددون ينسبون أنفسهم لـ”الإسلام”.
صلاح وأوزيل وبوجبا
صلاح يعد الرمز الأشهر لقدر من التغير في نظرات المشجعين تجاه المسلمين، لكنه ليس المثال الوحيد.
وتمتلك أغلب الأندية الكبيرة في إنجلترا نجوما يظهرون انتماءهم للدين الإسلامي بشكل واضح، ممتزجة بشخصياتهم “المثيرة” داخل الملعب وخارجه، مما ساعد على تقبل فكرة الإسلام عند الكثيرين من متابعين اللعبة في إنجلترا والعالم.
ومن أبرز هؤلاء اللاعبين لاعب الوسط الفرنسي بول بوغبا، الذي يعد من أبرز لاعبي مانشستر يونايتد، وأعلاهم أجرا.
ولا يتوانى بوغبا عن إظهار التزامه الديني، فبين صوره مرتديا الملابس الفاخرة، ومقاطع تكشف عن مهاراته الكروية الساحرة على حساباته الشخصية التي يتابعها الملايين، تجد صورة له أثناء أداءه مناسك العمرة، أو أثناء ذهابه لأداء صلاة الجمعة في مانشستر.
والحال ذاتها تنطبق على نجم أرسنال، الألماني ذو الأصول التركية، مسعود أوزيل، الذي تشتهر صوره وهو خافض رأسه ليقرأ سورة الفاتحة قبل بداية كل مباراة.
على الجهة الأخرى هناك الفرنسي نغولو كانتي لاعب وسط تشلسي، أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي للموسم الماضي، الذي وصفه زميله سابق له في نادي غرينوبل الفرنسي بأنه “محترم جدا، متدين جدا، ولا يفوّت الصلاة”، وذلك أثناء إقامته مع اللاعب في نفس الغرفة خلال معسكرات الفريق.
ولم تنس “غارديان” ذكر النجم الجزائري رياض محرز، أفضل لاعب في الدوري لموسم 2015-2016، ضمن قائمتها للمسلمين الذين غيروا شكل اللعبة في الأعوام الأخيرة.
ومن أبرز اللاعبين المسلمين الذين تركوا أثرا كبيرا في الدوري بالأعوام الماضية، الإيفواري يايا توريه، الذي أبهر الجميع عند قدومه من برشلونة الإسباني إلى مانشستر سيتي، وأصبح أحد أفضل لاعبي المسابقة.
توريه اشتهر بشخصيته القوية وانتمائه الواضح للإسلام، ولعل لقطة رفضه استلام جائزة “أفضل لاعب في المباراة” التي تتمثل بزجاجة شمبانيا، والتي لاقت إعجاب الكثيرين من المتابعين حول العالم، أكبر دليل على ذلك.
اللائحة لا تنتهي هنا بل تضم لاعبين آخرين مثل السنغالي ساديو مانيه والألماني إيمري كان لاعبا ليفربول، والألماني شكودران موستافي مدافع أرسنال، والجزائري إسلام سليماني مهاجم نيوكاسل، والمصريين أحمد حجازي وعلي جبر مدافعا وست بروميتش ألبيون، والفرنسي مامادو ساكو مدافع كربستال بالاس، وآخرين غيرهم.
التغيير قد بدأ
وأشارت الصحيفة إلى أن النجم المصري صلاح “مثال نموذجي للشاب المسلم في بريطانيا”، فهو، وفقا لها: “مثابر في العمل، متعلق بمجتمعه (المسلم)، ويطمح للسلام في بلده وحول العالم، كما أنه ملتزم بالصلاة مع زملائه ساديو مانيه وإيمري كان”.
وشبهت الصحيفة اللاعبين المسلمين باللاعب السابق سايريل ريغس، الذي قاد جيلا من اللاعبين “غير البيض” في إنجلترا بالسبعينيات، في وقت ازدهرت فيه منظمات التشجيع العنصرية ببريطانيا.
ورغم محاربة الجماهير لريغس وزملائه السود وقتها، فإن الكفة رجحت في صالحهم بالنهاية، حيث أصبح اللاعبون ذوو البشرة الداكنة جزءا لا يتجزأ من كرة القدم الإنجليزية، من وقتها حتى الآن.
وأضافت الصحيفة: “وبالنسبة للمواطنين الذين لا يرون المسلم سوى شخص غريب الأطوار ومتحفظ، فهم يغيرون رأيهم الآن”.
وأكدت أن كلمة “رائع” هي الوصف المناسب لهؤلاء الرياضيين، الذين بدأت شعبيتهم بتغيير الرأي العام شيئا فشيئا.
نقلاً عن سكاي نيوز عربية