دوشة فنية

في خامس حلقات شاعر المليون ..الجمهور يؤهل شاعرين من الحلقة الماضية

وبطاقة لجنة التحكيم تذهب للسوري عبدالله الطائي بـ49 درجة

ضيف الأمسية علي بن سالم الكعبي يتحدث عن الشيخ زايد ويلقي 3 قصائد

ليلة أمس كان الجمهور على موعد مع الكثير من الأحداث، ليس أولها الإعلان عن اسمي الشاعرين اللذين تأهلا عبر تصويت الجمهور، كما ليس آخرها إلقاء إعلان النتائج التي توصلت إليها لجنة التحكيم.

فكانت الليلة حافلة بكوكبة النجوم التي وقفت على خشبة المسرح لتلقي أجمل ما لديها من أشعار، فأضفت على “شاطئ الراحة” المزيد من البهاء؛ إنما على مستوى الحضور.

كما حفلت الحلقة بحضور معالي علي بن سالم الكعبي سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في المملكة المغربية، ومعالي اللواء ركن طيار فارس خلف المزروعي رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية، وعيسى سيف المزروعي نائب رئيس اللجنة ، وأعضاء اللجنة الاستشارية بدر الصفوق، وتركي المريخي، والشاعر محمد بن فطيس الذي تمكّن من الحصول على أول بيرق للشعر في برنامج “شاعر المليون” بدورتها الأولى. إلى جانبهم نخبة من الإعلاميين الذين حضروا خصيصاً لنقل وقائع الأمسية، وجمهور المسرح عاشق الشعر والشعراء، ووالدة الإعلامي حسين العامري.

وبعد الترحيب بالحضور؛ أعلن حسين العامري وأسماء النقبي مقدما البرنامج عن أسماء الشاعرَين اللذين فازا بتصويت الجمهور عن الحلقة الماضية، لينضما إلى زميلهما الشاعر فواز الزناتي العنزي من السعودية، فذهبت فرصة الاستمرار في المسابقة لكل من الشاعر مانع الهميمي الذي حصل على 69% من تصويت الجمهور عبر الـرسائل النصية والتطبيق الإلكتروني الخاص بالبرنامج، فيما كان زايد الضيف التميمي ثاني المتأهلين إثر حصوله على 60%، أما بقية الشعراء فقد خرجوا من المنافسة، لكنهم بلا شك لم يخرجوا إلا إلى عالم الشعر الواسع.

سفير دولة التسامح والشعر

معالي علي بن سالم الكعبي سفير الدولة في المملكة المغربية حضر ضيفاً مكرّماً في الحلقة الخامسة، وحضر معه شعر الحماسة والفخر والغزل، إذ قدم ثلاثة نصوص خاطب من خلالها مشاعر ملايين.

وقبل إلقاء النصوص تحدث معاليه عن دعم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان للشعر والشعراء وللثقافة عموماً، مشيراً إلى أن الأساسات التي وضعها الشيخ زايد للثقافة، والتي أدّت إلى وجود برنامج “شاعر المليون” الذي يقدم أسماء جديدة في ساحة الشعر، ومؤكداً أن البرنامج فخرٌ يضاف إلى جملة ما تفخر به الإمارات من مشاريع ثقافية. كما أشاد معاليه بدور لجنة التحكيم، التي لا تقدّم ملاحظاتها النقدية فقط للشعراء المشاركين في البرنامج، إنما لكل شاعر موجود خلف الشاشات.

وأضاف معاليه أن الشيخ زايد لم يهتم بالشعر النبطي وحده، إذ كان للشعر الفصيح موقعاً في قلبه، وحفظ الكثير من أبيات أبي الطيب المتنبي، وعلى الرغم من إعجابه بما قال المتنبي؛ إلا أنه كان يأخذ عليه عدم التواضع. أما على مستوى الشعر النبطي فقد ترك لنا الشيخ زايد إرثاً جميلاً وهاماً من القصائد الجميلة ذات المعاني العميقة، والتي تتحدث عن مواقف كثيرة، وفي أغراض شعرية عديدة.

ثم ألقى معاليه قصيدة “من بوظبي والفخر تاج اشعاري” التي أشاد فيها بمواقف دولة الإمارات وقادتها، والحملة الشرسة التي تتعرض إليه من قبل العديد من الجهات خبيثة النية، ومما قال معاليه في القصيدة:

من بوظبي والفخر تاج اشعاري           يا فكري الوقّاد صافي نيّة

على جبين المجد من سيرتهم            اكتب ودوّن ملحمة شعرية

استحضر امجاد الكرام الخالد             واستشرف انجازاتها الكونية

زايد وضع لبنات للمستقبل                وأسس قواعد للبِنا ذاتية

حطم قياسات الزمان وحقق             أسرع تطور في الكرة أرضية

شواهد التاريخ في انجازاته              مسموعة ومقروءة ومرئية

وما رحل ما دام فينا                         من يحفظون أفكاره الثورية

حمد السعيد من جهته قال إن النص نموذج يحتذى به، والأبيات التي ألقاها معالي السفير واقعية، والنص شامخ كشموخ علي بن سالم الكعبي، وهو الذي يعتبر صاحب تجربة تاريخية في الشعر، وصاحب العديد من الدواوين. ودعا الشعراء الجدد للاطلاع على تجربة الشاعر. ثم طلب من معاليه إلقاء قصيدة “القوس قوسك”، فقال معاليه::

 

القوس قوسك والسهام سهامك            مالي على رمشاً تسله قوّه

انا اسيرك واقفاً قدامك                          واللي تبا تسويه فيني سوّه

وثقت في قلبك وطيب انسامك              ما ظن تظلم وانت فيك امروّة

قلبي رهيف ولا يروم هيامك                  توّه تعلم كيف يعشق توّه

يفداك لكنه يشيل احلامك                     ملكك ولا لي منه غير امخوّه

بك زين من راسك ي لين ابهامك           والليل ياخذ من صباحك ظوّه

ما يحجب الويه الصبوح لثامك               طلّتك دايم يالحلى محلوهّ

وفي سؤال حول علاقة الشيخ زايد بالشعراء، قال معاليه لأن الشيخ زايد كان شاعراً فقد اهتم بالشعراء، ولولا دعمه لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم. ففي الماضي لم تكن هناك منابر عامة للشعر، لذلك بدأ بمجالس الشعر في التلفزيون، كما كان يدعو الشعراء إلى مجلسه، ويتناقش معهم في نصوصهم، فلم يكن مستمعاً فقط، إنما مشاركاً في نقد الشعر.

وفي ختام استضافة معالي علي سالم الكعبي على المسرح ألقى قصيدة قال في مطلعها:

من بوظبي من دار بوخالد مذل العابثين           ومن الرياض اللي فخرها مصدره سلمانها

يا شلة ابليس الرجيم لمواجهتكم جاهزين          واللي هدمتوا من دول ناوين في بنيانها

النجومية ترافق الطائي

ساعتان من الشعر والجمال تم بثّها عبر قناتي بينونة والإمارات ومنصات التواصل الاجتماعي؛ استمع خلالهما الجمهور المتابع للشعراء الستة الذين شاركوا في حلقة الأمس، وهم، لولوه الدوسري من السعودية، عبدالعزيز الدلح من الكويت، عبدالله الطائي من سوريا، علي سالم الهاملي من الإمارات، متعب الشراري، بالإضافة إلى محمد المضحي من الكويت. وقرأت لجنة التحكيم قصائدهم قراءة نقدية بيّنت خلالها مواطن قوة كل قصيدة، بالإضافة إلى مكامن الجمال، ومواضع التميز، إلى جانب ما في بعضها من ثغرات، وإن لم تؤثر عليها كثيراً.

وليلة أمس رافقت النجومية عبدالله حميد الطائي الذي أهّله جمهور المسرح بـ31%، فيما منحته لجنة التحكيم بطاقتها للتأهل بجدارة إلى المرحلة الثانية، بعد حصوله على 49 درجة. أما زملاءه الشعراء فقد تركهم الإعلامي حسين العامري لعيشوا القلق مدة أسبوع كامل، على أن يتم الإعلان عن الشاعرَين المتأهلَين بتصويت الجمهور خلال أحداث الحلقة السادسة. وحسب لجنة التحكيم فقد حصل محمد المضحي على 45 درجة، تبعته لولوه الدوسري بدرجات وصلت إلى 44، ثم متعب الشراري الذي حصل على 41 درجة، وبعده علي سالم الهاملي الذي كان من نصيبه 40 درجة، ثم عبدالعزيز الدلح بدرجات وصلت إلى 37.

تصوير الحزن بإبداع

بداية الحلقة كانت مع الشاعر عبدالعزيز الدلح الذي ألقى قصيدة كانت فاتحة الشعر، ومن “وفود الضيق” قال:

يا يمّه وش جديد الوقت لو ضيق علينا بال              وحنّا دموعنا لديون ضحك الغير سدّاده

يا يمّه والحزن لو يتمثّل في شكل رجّال                  لِقى بوجيهنا تاريخ أبوه وسطوة اجداده

ملامحنا نسجها ليل وهموم وسهر واهمال              حدينا كنّه اللي راضع الحرمان بمهاده

يا يمّه من كثر ما نضيّف اللوعة وضيق الحال           علاقتنا عميقه مع عيال الهمّ واحفاده

تقل عيب ن علينا ما تكون صدورنا مدرها                 عليها من وفود الضيق ورّاده وورّاده

وقال د. غسان الحسن إن القصيدة معجونة بالهم والحزن والمأساة منذ البيت وحتى البيت الأخير، حيث تفوقت وترادفت معاني الحزن في كثير من الكلمات التي أوردها الشاعر مثل (ضيق، دموع، حزن، همّ، حرمان)، وكلها جاءت لوصف الناحية السلبية، فيما تراجعت معاني الفرح والسرور عبر الكلمات التي تمثل الإيجابيات ومن بينها (هقاوي، الفرح). مضيفاً أن الشاعر وحده يعرف لماذا جاء بهذه القصيدة المفعمة بالحزن، والتي أشبعها بتلك الصفة في كل جزئية منها، وفي كل شطر، وفي كل بيت. فالحزن أخذ حقه من القصيدة كاملة ومن التصوير. وأشار د. الحسن إلى أن القصيدة هي قصيدة الموقف، حيث بدأ الشاعر بالحزن وانتهى بالحزن، فلم تتجه ولم تتفرع الفكرة إلى وجهات مختلفة، فبقي الجو النفسي ذاته. ومع أن الهم في الشطر الأول من البيت الأول كان فردياً، إلا أنه في الشطر الثاني جاء جمعياً، وهذا موجود في الحياة.

الناقد سلطان العميمي أشار إلى أن القصيدة تواسي الحزناء في العالم، والشاعر تحدث بلسان كل واحد منهم. ووجد الناقد أن القصيدة ورد فيها 25 كلمة دالة على الحزن الجمعي، في حين لم ترد ولا كلمة دالة على الحزن الفردي. كما جاء الشاعر بمفردات وعبارات دالة على التعميم الجماعي والكثرة، وهو ما تمثل في (أجداد، أحفاد، عيون الناس، وفود الضيق، خيبات السنين). وجاء الشاعر بفكرة لم تتطور، وهي فكرة الحزن التي صورها في كل بيت أو في كل بيتين بشكل مختلف، وتفوق في ذلك كثيراً. ثم علق على البيت (تقاسمنا رغيف آمال تعشّاه الزمان ومال/ زرعنا للصباح أحلام ماتت تحت الوساده)، موضحاً الخلل الذي جاء في الوزن، حيث توجد زيادة حرف في مفردة (تعشّاه)، وهي النقطة التي أشار إليها د. الحسن، ووجه عتباً للشاعر على ذلك.

الناقد حمد السعيد من جهته أشاد بنص عبدالعزيز، وهو الأول الذي يتحدث عن الحزن بتلك الطريقة التي جاء عليها، وخصوصاً عندما خاطب أمه ( يا يمّه). وأشاد بأول بيتين من النص، فكانا بغاية الجمال، وخصوصاً (يا يمّه والحزن لو هو تمثل في شكل رجال/ لقا بوجيهنا تاريخ أبوه وسطوه أجداده)، حيث تمتد الصورة إلى أكثر من بيت، وهنا تكمن حرفة الشاعر، وكأنه لسان حال من يعاني من الحزن. أما البيتان (محطات وأمانينا من الترحال للترحال/ عبر فينا الفرح مره وقال مضيع بلاده)، و(يا شراي الصبر وينك ترانا نوفي المكيال/ معنا صبر يكفّيله حزن عمرين وزياده) فهما إبداع خالص، إلى جانبهما البيت الذي قال فيه (على ضحكاتنا مرت عناكب واغزلت منزال/ وعلى رف الرجا باقي اثر دعوه وسجاده). في حين جاء الختام في غاية الجمال (عجب يا سكر الدنيا ولا لك ذكر بالفنجال/ كأن اعمارنا قهوة وفضّلها الزمن ساده).

ذكاء شعري متفوق

الشاعر عبدالله حميد الطائي كان مبهراً في أداء نصه الجزل من ناحية المفردات، وكذلك من ناحية الوزن الذي استخدمه، والإلقاء الذي ترافق مع حضور مسرحي متميز، إذ تفاعل الشاعر مع نصه الذي أشادت به لجنة التحكيم، ومما قال في أبيات النص الأولى:

تشبه ملامحك البريئة يا طفولة رحلتي من قبل عيّنت النهار

وأنا عليّ للقوم حق ومن طرف ليلي لكشت الراحلة كنّي عسوس

وجه الشبه في تجربة شاعرك معك إصرارٍ وعفوية اصدار القرار

على سجايانا نخال الناس ونحث المسير وياتي الردّ امعكوس

من ذلك استنتجت ما كل الدروب تودّي لروما فلكّن له مسار

وان الوجوه الّي زرعتيها أماني كالحة واستنكرت طيبة الغروس

والّاك ما حدّ للغلام يهيم في كل واد يومن العرب طلاب ثار

يا لقمة مدّت قدمها فْ الحلوق وجوّدت كفينها بين الضروس

كان الناقد سلطان العميمي أول المتحدثين، وتطرّق إلى ما قام به الشاعر من تذويب للهم الفردي مع الجماعي في النص الذي حمل الكثير من الدلات، مثل الوطن، والمسؤولية. مشيراً إلى أن الطائي بدأ بالهم الذاتي، وانتقل للثورات والربيع العربي، وكانت الثقافة واضحة وعالية فيما قال. ثم إن الشاعر وُفِّق باستناده على الموروث الديني الذي استثمره بوعي، مثل ما جاء في البيت (فكم قلت لك لا تعقرين الناقة اللي توّها درّت ويتلاها حوار/ لكن توغّلتي بمنهاج الذنوب وصار لك فيها مفاهيم ودروس) أي ناقة النبي صالح، وكذلك في البيت (وكم لي وانا قول اركبي فُلك النصيحة والجمل عفته ولا فيك اعتبار/ فاستهزأي حيث اتبعني أرذل الحظ وتوسد صدر الآمال الهجوس) أي فُلك النبي نوح، فالتصاوير الشعرية جميلة ومميزة جداً، وفي النص رسائل ومفاتيح واضحة، ولهذا لا بد من الاستماع إليه ثانية.

الناقد حمد السعيد أبهره نص الطائي، وقال له: (أنت شاعر بمعنى الكلمة). معلقاً على الطرق الذي استخدمه الشاعر، حيث أتى بثلاث جمل موسيقية في البيت الواحد، وهو طرق أطول من الحداء بجملة موسيقية واحدة، ومن النادر أن يكتب الشعراء على هذا الطرق، لأنه يحتاج إلى نفس طويل في الإلقاء، وإلى حفظ أيضاً. مشيراً إلى أن عبدالله طوّر إبداعه عن المرات السابقة التي شارك بها في البرنامج. وأضاف السعيد أن الجملة الشعرية التي تمثلت في الشطر (مطعمك في خلق خضار ايدينهم من كدهم حزمٍ مخاشرته حجار) تكفيه من حيث توظيف معاناة “الغلابة”، فهي على درجة عالية من الإبداع، فجعلته وكأنه يرى المشهد بالعين.

فيما أكد د. غسان الحسن أنه أمام نص جميل ورائع، ويدل على شاعرية ناضجة جداً، وقد أتى الشاعر في كل شطر بوزن (مفاعيلن) 6 مرات، وهذه كمية هائلة جداً من المساحة الموسيقية تحتاج لمن يملأها بالشعر الجيد، وذلك لحالتين: فإن لم تملأ هذه المساحة بالشعر الجيد وبالتصوير فإن الحشو سيبدو للعيان، ومن ناحية ثانية أن مثل هذا الوزن الطويل قلما يستطيع الشاعر أن يضبطه في الإلقاء، وعبدالله أحسن ذلك، ومع ذلك كان هذا الطول يبدد من الموسيقى والتقاطها، لأن كل شطر جاء فيه “ست مرات مفاعلين”، وهي مساحة طويلة قد تختفي فيها الفواصل بين التفعيلة والأخرى.

وأضاف د. الحسن أن القصيدة مفعمة بالرموز، فكل رمز التقطه عبدالله من كل جهة، وهي تدل على ثقافة عامة وواسعة النطاق، وكل رمز أوتي به من أجل التعبير عن موقف، ولذلك وجد القصيدة تتراوح ما بين أطراف الغموض والشفافية والوضوح الكامل.

وقال د. الحسن: أزعم أن في القصيدة علوّاً في الشاعرية والتصوير الرفيع، كما فيها تصوير مباشر مثل ما جاء في البيت (وجه الشبه في تجربة شاعرك معك اصرار وعفوية اصدار القرار/ على سجايانا نخال الناس ونحث المسير وياتي الرد امعكوس)، وكذا حين قال الشاعر (يا لقمة مدّت قدمها فْ الحلوق وجوّدت كفينها بين الضروس)، متسائلاً د. الحسن كيف خطر للشاعر أن يقول تلك الصورة. فهو تصوير عجيب وبالغ في معرفة حرفة الشعر، وكيفية بناء الصورة، الأمر الذي يدل على ذكاء شعري متفوق. وقد طاف الشاعر من خلال القصيدة في هموم كثيرة، هموم ذاتية يبدو أنها منذ الطفولة المبكرة، وهموم وطنية وقومية. ثم شكر الشاعر على النص الذي قدمه.

الوطن خط أحمر

حل ثالثاً في الحلقة الشاعر علي سالم الهاملي، والذي ألقى قصيدة وطنية بامتياز، ومن مطلعها اخترنا:

أحتاج لضوء الأخضر في بعض الأحيان              ما حب الأفكار تحصرني على كفيها

الناس تأخذ وتعطي واللسان حصان                ع الحدّ بعض البشر لا بد توقيفها

شتان بين الثريا والصرى شتان                       واللي يبا الطايله يرقا مشاريفها

واللي يهين العرب لا بد ما ينهان                     والمدح للي يوقف في مواقيفها

يا كثر ما بالصدر واليوم بالإمكان                    بعض المواضيع ندخل في سواليفها

الناقد حمد السعيد وجد حضور الشاعر جميلاً عندما ألقى نصه الوطني، مشيراً إلى حاجة الساحة إلى مثل ذلك الطرح في هذا الوقت. وأضاف السعيد أن القصيدة مقسمة شكلياً إلى 4 أجزاء، مقدمة: كانت انطلاقة الشاعر وتمثلت في  (أحتاج لضوء الأخضر في بعض الأحيان/ ما حب الأفكار تحصرني على كفيها)، وفيه تمرد على المألوف، و(الناس تأخذ وتعطي واللسان حصان/ ع الحدّ بعض البشر لا بد توقيفها) بما في البيت من تهديد ووعيد جاءا في محلهما، ثم انتقل إلى الجزء الثاني بدءاً من البيت (يا كثر ما بالصدر واليوم بالإمكان/ بعض المواضيع ندخل في سواليفها)، أما الجزء الثالث فتمثل في البيت (عيال زايد نحن في ظل بوسلطان/ لا ثارت الحرب نحمل درعها وسيفها)، ثم تناول الشاعر في الجزء الرابع الموقف السعودي والإماراتي، وهذا الموقف يتحدث عن وحدة الصف.

د. غسان الحسن قال إن النص يجبره على ما كان في النقد التقليدي منذ زمت طويل، وهو الفصل بين الشكل والموضوع. فالموضوع وطني واضح، وقد أشبع فيما طرحه الشاعر بتأييد القائد والتكاتف والتلاحم والوقوف ضد المعتدي، فجاء ذلك موضوعياً. غير أن الشكل كان ضعيفاً. إذ ذهب الشاعر إلى المباشرة والتقريرية، وقلما وجد د. الحسن صوراً شعرية والمستوى الشعري العالي، إلا في بعض العبارات مثل (اللسان حصان، يرقا مشاريفها، درعها وسيفها) وحتى تلك التصويرات كانت مأخوذة من الساحة وليست مبتكرة، ولذلك غلب المضمون على الشكل، فأصبحت القصيدة في خدمة المعنى، وكاد الشاعر أن ينسى المسألة الشعرية بقيمتها الفعلية.

سلطان العميمي قال إن القصيدة منبرية بامتياز، وبدل الإشارة الخضراء رسمت الشاعر خطاً أحمر لا يجوز لأحد الاقتراب منه، أي الوطن. وأضاف: القصيدة مكتوبة بانحياز كبير للوطن، وهذا مطلوب ومسألة لا تقبل النقاش. غير أن العاطفة تفوقت على التصوير الشعري، لأن النص كان عاطفياً، رغم عدم خلوه من بعض الصور الشعرية، مثل (ما حب الأفكار تحصرني على كيفها) وكأن الشاعر يؤنسن الأفكار ويجعلها تحاصره، وفي البيت (سفينة الدار تبحر قادها الربان/ أرواحنا لنصرة الاسلام توظيفها) صورة رمزية جميلة، وهذا يدل على حال الإمارات، فسفينة الاتحاد تسير بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. أما في بقية الأبيات فقد انتقل الشاعر عبر من الهم الوطني إلى ما هو خارج الوطن، عندما تحدث عن السعودية، وعن الأخوّة والوحدة.

نضج التجربة الشعرية

لولوه الدوسري ألقت ليلة أمس “وطن عمري” الوجدانية، والتي من خلالها تحدثت عن الأصدقاء وكيف يتبدلون ويتغيرون، ومما قالت في المطلع

رفّ جفني لين منه الدمع دنّى                  كنّه اللولو محارتينه

من كثر ما غاص حزني به وغنّى            طارف انغامي جذب ربانتينه

راسي هالضيق في ذا الصدر منّا          من يساره والوجع طوّل يمينه

ناش أقصى ضلع في جوف المعنّى        لين آهي بيّحت لحني غبينه

وختمت بقولها:

وكثر ما كفّي بدمعاتي تحنّى                  جيتنا لك علم موقنته جهينه

لا أتمنى والحزن باسمي مكنّى              كنت بنته لين وأدتني يدّينه

د. غسان أشار إلى جودة القصيدة، بما فيها من بوح مولِّف للشاعرية، وهو ما يدل على نضج التجربة الشعرية لدى الشاعرة. ثم ذهب د. الحسن إلى أن القصيدة هي قصيدة الموقف، وقد ظلت الشاعرة على ما بدأت به من حزن، وتكرر الحزن بصور مختلفة في كل بيت، لكن لولوه حرصت على بنائها بجمال. أما بالنسبة لقافية الأبيات فقد تمكنّت الشاعرة من التغلب عليها بوضوح. في حين جاء المطلع بأجمل الأبيات (رفّ جفني لين منه الدمع دنّى/ كنّه اللولو محارتينه)، وهو تشبيه واضح ومفهوم، لكن التشبيه في البيت قبل الأخير (وكثر ما كفّي بدمعاتي تحنّى/ جيتنا لك علم موقنته جهينه) اختلف، فصار الدمع حناء، وهذا لا يجوز عادةً، إلا إذا أرادت الشاعرة أن تقول إن دموعها صارت دماء.

فيما وجد الناقد سلطان العميمي القصيدة جميلة، فهي محمّلة بالهم والمعاناة الذاتية. وما لفته المطلع (رفّ جفني لين منه الدمع دنّى/ كنّه اللولو محارتينه)، ووصف التشبيه بأنه جميل. فحبة الرمل حين تدخل العين تٌدمِعها، وحبة الرمل حين تدخل المحارة تتشكل حبة اللؤلؤ، ورأى في ذلك تلاقياً جميلاً. أما قافية الصدر (نّى) فقد بانت وكأنها زفرة أنين، ووفقت الشاعرة كثيراً في اختيارها. ثم أشار العميمي إلى الختام الذي وجد فيه صورة أخرى للدموع ممثلة بمفردة (الحناء)، وفي ذلك توظيف مختلف ومميز. وختم بالقول: رغم الحزن إلا أن القصيدة مليئة بالإبداع.

الناقد حمد السعيد أطلق على لولوه السديري لقب “جهينة الشعر”، نظراً للنص الجميل والرشيق الذي ألقته، وللطرق المميز الذي استخدمته، وللمعاني العميقة التي حملها نصها من بدايته وحتى ختامه، ولم يستغرب ذاك الجمال، لكن الأجمل هو الحضور الذهني للشاعرة في نصها الذي لم يجد فيه أي شرود، وخصوصاً في البيت (وكل حبل من وتر صوتي تجنّى/ ما تحس إلا وسط سمعك ونينه).

تصاوير شعرية جديدة

وأخيراً تمكّن الشاعر متعب الشراري من الوصول إلى “كرسي المليون” الذي استحوذ على موضوع نصه الذي ألقاه، ومما قال في أبيات المطلع:

أخيراً جابك الله في يدي يا كرسي المليون               وقعت ولا أحدٍ ودّه من إيدين الشعر يا قاك

لي أسبوعين أطرّش للفياض المعشبات عيون          أدوّر ما يليق من الكلام اللي تعب ينخاك

 تسلطنت وغدى لك صيت واسع والعرب يدرون           بإنّك خير من خلّا القصايد تعبر الأفلاك

تغازلك الحروف ينحني لأجلك ثمر وغصون                 وتخطبك الفرايد من معازيبك تبي لاماك

عطيت المبدعين أكثر من اللي كانوا يتمنون              يا كثر اللي تمنّى مرّة يجي لك ولا قد جاك

ثم ختمه بالبيت:

عسى ربي يجمّلني معك يا كرسي المليون                 وأنا في عيدك الثامت لفيتك باحتفل ويّاك

الناقد سلطان العميمي أشاد بالحضور الجميل للشاعر على المسرح، وبالقصيدة التي ألقاها متعب، وبمستوى الشاعرية الذي بدا في تصاعد بدءاً من البيت (ولو صدره مواقد للمجوس وهاجسه مشحون)، لكن قبل ذاك البيت أورد الشاعر أبياتاً مباشرة، بالإضافة إلى إيراده أبياتاً فائقة الجمال, ولفت انتباهه البيت (لي أسبوعين أطرّش للفياض المعشبات عيون/ أدور ما يليق من الكلام اللي تعب ينخاك)، وأيضاً البيت (تغازلك الحروف وينحني لأجلك ثمر وغصون/ وتخطبك الفرايد من معازيبك تبي لاماك )، كما جاء تصوير بديع ومميز جداً في البيت (مفاتيح القصيدة ما حملتها حاشية قارون/ ثقيلة كنّها كبد السماء ياللي تحرّى ماك)، وفي البيت (وأنا جيت أحمل أمتعتي من أرض الملح والزيتون/ معي بعض الشعور اللي يكفيني هنا وهناك)، مؤكداً أن في القصيدة إبداع كثير رغم أن موضوعها عن المسابقة تقليدي. فقد وضع الشاعر بصمته الخاصة بالتصاوير الشعرية الجميلة.

حمد السعيد أشاد بالنص، وقال إن حضور الشاعر جميل، وكذلك نصه، وفكرته الذكية، أي الحوارية بين الشاعر وكرسي شاعر المليون، رغم توقعه أن الشاعر سيقع في المباشرة، لكنه – أي متعب – من البداية إلى النهاية استرسل في النص وهو يواصل الإبداع والجزالة الشعرية.

د. غسان الحسن قال إن الموضوع متداول كثيراً، لكن الشاعر ذهب إلى خصوصيٍّ في شاعر المليون، وهو الكرسي، وهذه لقطة جيدة من حيث تركيز المعنى. كما ذهب إلى مستويات مختلفة من الشعرية، داعياً إلى الحفاظ على مستوى واحد، خاصة وأن المباشرة تصنع فجوة في المستوى. وثمة جماليات في النص مثل (تسلطنت وغدى لك صيت واسع والعرب يدرون/ بإنك خير من خلّا القصايد تعبر الأفلاك)، حيث في البيت صورة شعرية جديدة ليست مستلّةً مما يقال. وكذلك (تغازلك الحروف وينحني لأجلك ثمر وغصون/ وتخطبك الفرايد من معازيبك تبي لاماك). أما المطلع (أخيراً جابك الله في يدي يا كرسي المليون/ وقعت ولا أحدٍ ودّه من إيدين الشعر يا قاك) فهو من الكلام المتداول، وليس من ابتكار الشاعر، وكان بإمكانه الذهاب إلى مطلع أجمل منه.

صوت العقل.. خلجات العاطفة

آخر شعراء ليلة الأمس الشاعر محمد علي المضحي الذي ألقى نصه بمطلع جاء فيه:

جمـوح القـصيد مْـعقّـد بناصيَـتْـه شـعـور              مـع ان الـحياة اصلا تعـقّـد عـليه حْـجـاج

صدح صوت مكنون المشاعر وجا مقهور               صهيله يقول الناس ما هم على المنهاج

لـو ان الزمن ينفض شليله عن المستـور             يبوح الجماد بشـي سبّب كثير إحراج 

وأضاف: 

تعال اخفض جْناحك إذا خاطرك مكسور               وإذا مخلص بْحبك تخلّص من الاسياج

عتاب المحبة باب ما مرّه المأجور                         وعن جاحد الخيرات يتصدد بْـ مزلاج

 

الناقد حمد السعيد أشاد بالنص الوطني الذي ألقاه محمد الذي تحدث بلسان الوطن وبطرحٍ راقٍ، وبطرقٍ مميز، وأبدى إعجابه بالبيت (جمـوح القـصيد مْـعقّـد بناصيَـتْـه شـعـور/ مـع ان الـحياة اصلا تعـقّـد عـليه حْـجـاج)، ثم بالبيت (على لسـان من شالت غلا عيالها المحفور/ وتضمّك بعد موتك وقبلك حوَت أفواج)، مشيراً إلى أن أي وطن يشكي عقوق أبنائه. وأوضح السعيد أن الشاعر وظف الأفعال الكثيرة التي استخدمها في نصه بشكل جيد، فجاءت في محلها مثل (عطيتك، حملتك، سقيتك، عطيتك). كما لفت الناقد إلى حساسية القضية التي طرحها محمد، فالوطن لا يغلق بابه حتى في وجه من أخطأ بحقه. ودلّ على الجناس الجميل الذي أورده الشاعر في البيت (تطرفت عني واتخذت الضلال غرور/ وانا لك ظلال اقرب من العنق للاوداج) ممثلاً في المفردتين (ضلال، ظلال)، كما أشار إلى الأبيات الجميلة، ومن بينها (تأفّف بوجه الطيب !؟طيّب يجيك الدور/ اكيد السنين تدور وترد لي مَحتا).

من جهته أكد د. غسان الحسن على جمال النص، وعلى الإشراقات اللطيفة في جميع جوانبه. فقد تميز ببناء فني موضوعي وجميل جداً، تدرج فيه الشاعر من البوح، وكأنه يريد أن يلامس جرحاً مسكوتاً عنه. وقال إن هذا النص صوت العقل المستند إلى العاطفة، والذي يوضح الرابطة بين الإنسان والإنسان، والإنسان والأرض. ثم انتقل الشاعر إلى سرد جمائل الوطن، ومن ثم الإصرار على ضلال وجنوح البعض ومع ذلك لم يوصد هذا الوطن الباب، فحنان الأمومة لا يمكن أن ينتهي. ورأى د. الحسن أن النص موضوعي وفي تفاصيله جماليات كثيرة، ومحمول على صور جميلة خرجت من البوح إلى الصوت العالي الممثل في المفردات (صدح، صوت، صهيل، يقول)، وهي مفردات تدل على رفع الصوت حين لم ينتبه الآخرون إلى العلاقة الحقيقة مع الوطن والتي يجب أن يكونوا عليها.

وختم الناقد سلطان العميمي بالقول إن الشاعر أبدع في القصيدة شعراً ومعنى، فالأم الحنون تحملنا وتتحملنا وإن أخطأنا، وتعاتبنا عتاب المحب. والقصيدة فيها رسالة شعرية لكل من غرر بهم الإرهاب، لكن لا يزال الوطن مثل أم صدرها يحتض الأبناء. ووجد في القصيدة تصاوير شعرية جميلة جداً ومعانٍ عميقة مثل ما جاء في البيت (قـرير العيون تنام ما عشت بي مذعور/عطيتك فراش الأمن وكفوفي الديباج)، وأيضاً في البيت (تطرفت عني واتخذت الضلال غرور/ وانا لك ظلال اقرب من العنق للاوداج).

الاتحاد والفضاء وشعراء الحلقة السادسة

قدمت حلقة ليلة أمس تقريرين أحدهما عن الشيخ زايد وتأكيده على أهمية أن يتبع الفرد جماعته، وأن يكون معهم وإلى جانبهم، وذلك عبر مشاهد مصورة للشيخ زايد، والذي كان يعتبر أن في الاتحاد قوة.

والتقرير الآخر جاء عن وكالة الإمارات للفضاء، حيث تحدث سعادة د. المهندس محمد ناصر الأحبابي المدير العام عن الاستدامة، وعن أهمية إنشاء الوكالة، وإطلاق الإمارات العديد من المشاريع الفضائية، مثل قمر الياسات للاتصالات، ومركز محمد بن راشد لتصنيع الأقمار الصناعية، وتصنيع قمر خليفة، ومسبار الأمل الذي سيأتي بعد أعوام قليلة، وغير ذلك من إنجازات. مؤكداً على ضرورة إلهام وتعليم وتدريب الشباب ليكونوا روّاد فضاء، ومختتماً بالقول: كما للفضاء روّاد كذلك للشعر رواد يتقدمون عبر “شاعر المليون”.

وختم حسين العامري وأسماء النقبي بذكر أسماء شعراء الأمسية القادمة، وهم ياسر الزلباني من الأردن، حسن المعمري من سلطنة عمان، حمد العازمي من الكويت، راشد بن قطيمة من السعودية، سالم بن كدح الراشدي من الإمارات، عكاش العتيبي من السعودية.

والجدير بالذكر أن لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية تأسست بقرار صادر عن الأمانة العامة للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي في بداية شهر فبراير 2013.

وهي تهدف إلى تعزيز قيم الولاء والانتماء من خلال ممارسة التراث الإماراتي الأصيل، كما تعمل على ترسيخ قيم الموروث الإماراتي في الوفاء والولاء للقيادة والوطن كمثل أصيل يحتذى به وضمان استدامته.

وتخدم الأنشطة التي تقدمها اللجنة؛ الإستراتيجية الثقافية لإمارة أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتسهم في الحفاظ على الموروث الثقافي، وتعمل على إيصال الرسالة الحضارية والإنسانية للإمارات لمختلف ثقافات وشعوب العالم، فضلاً عن الترويج لأبوظبي وللمؤتمرات والأنشطة والفعاليات التي تنظمها وتستضيفها.

وتدير اللجنة العديد من المهرجانات والبرامج التراثية والثقافية التي تلعب دوراً بارزاً في صون التراث، والترويج لممارسته خاصة بين الأجيال الناشئة، وهو ما يسهم في الحفاظ عليه، ويبرز قيم حب الوطن، ومن بينها برنامج “شاعر المليون”، برنامج “أمير الشعراء”، برنامج “الشارة ” التراثي الثقافي، مهرجان ليوا للرطب، مهرجان الظفرة، المعرض الدولي للصيد والفروسية، مهرجان الصداقة الدولي للبيزرة، مهرجان الظفرة المائي، فعاليات العيد الوطني، أكاديمية الشعر، قناة بينونة التلفزيونية، فرقة أبوظبي للفنون الشعبية، مجلة شاعر المليون، مجلة شواطئ، أكاديمية نيويورك للأفلام، بالإضافة إلى البرامج والمهرجانات والفعاليات الثقافية والتراثية التي يتم تكليف اللجنة بها.

نون – أبوظبي

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى