لم تعد تركيا مجرد حاضنة لجماعة الإخوان ومجموعات من الجماعات الحليفة لها ولم تعد تركيا منصة إطلاق الأكاذيب ضد مصر وشعبها من خلال السماح لعشرات من القنوات التى تهاجم شعب مصر، وليس نظام الحكم فقط، ولم تعد تركيا هى الممول الأول لعصابات الإرهاب ضد مصر.
فقد تحولت تركيا إلى طامع فى سيادة مصر وفى ثرواتها، فالتصريحات الأخيرة لوزير الخارجية التركى حول اتفاق ترسيم الحدود بين مصر وقبرص دليل أن الأتراك يعتقدون أن مصر أصبحت من الضعف ما لا يجعلها قادرة على الرد وهو أيضًا الانطباع الذى وصل لعدد من دول الجوار أيضًا.
وهذا الانطباع وصل للأتراك من خلال عدة مظاهرة منها أننا مازلنا نمول الاقتصاد التركى بأكثر من 3 مليارات دور سنوياً من خلال استيراد منتجات ترفيهية يمكن الاستغناء عنها ومازالت الطبقة الراقية فى مصر تتوجه إلى تركيا للسياحة والتسوق ومازلنا نستقبل وفودًا اقتصادية وتجارية.
فنحن لم نحتج على أى تصرف تقوم به تركيا ضدنا، فى حين هم يطاردون جماعة «جولن» فى كل مكان ويهددون أى دولة تحتضن أى فرد من هذه الجماعة التى يعتبرها النظام التركى جماعة إرهابية، ورغم أننا نعتبر جماعة الإخوان إرهابية لكن لم نقم بأى إجراء ضد الدول التى ترعى هذه الجماعة مثلما تفعل تركيا مع جماعة «جولن».
من أجل كل هذا اعتقد النظام التركى أن مصر ضعيفة وغير قادرة على الرد على البلطجة التى يمارسها فى وسائل الإعلام وابتزاز أوروبا والولايات المتحدة حتى دول الخليج مارس «أردوجان» البلطجة عليها وأخذ اعترافًا جماعيًا منها بأن جماعة «جولن» جماعة إرهابية.
فالسياسة لا بد أن ترتبط بالاقتصاد ولا يجوز أن يكون بين مصر ودولة تعلن حكومتها أنها عدو لنا أن نقيم معها علاقات اقتصادية وتجارية وسياحية حتى وإن كان ما نستورده منها لا ينتجه أحد غيرها فى العالم، ومنذ شهر تقريبًا اتخذت المملكة المغربية قرارًا بفرض رسوم على كل المنسوجات الواردة إليها من تركيا بهدف حماية المنتجات المغربية، والعلاقات المغربية التركية علاقات قوية ويعد الحزب الحاكم فى المغرب حليفًا استراتيجيًا للحزب الحاكم التركى لأنهما فروع لجماعة الإخوان.
ونحن لدينا صناعة منسوجات كبيرة ولكننا لم نقم باتخاذ مثل هذا الإجراء الذى هو إجراء سيادى ولم نستطع حتى منع استيراد الإسفنج المخصص لغسيل أوانى المطبخ المنتشر فى كل الأسواق، من أجل هذا اعتقد النظام التركى، ومن خلفه جماعته، أن مصر غير قادرة على مواجهتهم، كما أدى إلى طمع دول مجاورة وبنت مع الأتراك تحالفات تهدد أمن مصر من أجل هذا قال وزير الخارجية التركى ما قاله «مالك» فى الخمر حول الاتفاق الحدودى مع قبرص.
نحن نريد سياسة واضحة مع كل من يرفع شعارًا ضد مصر وكل من يتحالف مع أعداء مصر، ومن الآن لا بد أن يعلم الجميع أن «من ليس معنا فهو ضدنا» وأن دبلوماسية الأخلاق مع نظام لا يعترف بالأخلاق أصلاً ويدير المؤامرات والدسائس ضدنا تعد ضعفًا منا.
ففى عهد «أردوجان»، خاصة فى السنوات الأخيرة، زادت النظرة العنصرية لدى الشعب التركى ضد العرب وأصبح الأتراك يتعاملون مع العرب مثلما كان يتعامل الاحتلال العثمانى معهم، وظهر ذلك فى تغريدات عدد كبير من النشطاء خاصة من دول الخليج الذين زاروا تركيا مؤخرًا، وهذا يعنى أن النظرة التوسعية للنظام التركى انتقلت إلى شعبه، وهو لن يهدأ له بال حتى يحقق حلم رئيسه، وهو استعادة الخلافة العثمانية، ولكن هذه المرة الخلافة الإخوانية، وهو يعلم أن مصر ستكون العقبة الوحيدة لتحقيق هذا الحلم، ومن أجل هذا يريد إسقاطها فى يد جماعته.
آن الأوان أن نتصدى للأطماع التركية وأن نُوقف نظام أنقرة عند حدة، فلا مبرر الآن أمام السلطة المصرية للصمت على ما يقوم به «أردوجان» وعصابته ضدنا، نريد أن نلقنه درسًا يعلم من خلاله القاصى والدانى أن مصر قوية وقادرة على الرد وبعنف، حتى لا تظهر دولة جديدة تطمع فينا.