أن تستقبل القاهرة نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، عقب قرار الرئيس الأميركي ترامب، نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، لا يتناقض مع مواقف مصر التي رفضت قرار ترامب، واعتبرته قراراً منعدماً، لا ينتج أي أثر فعلي، وخروجاً على قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، يناقض أحكام القانون الدولي، ويستبق مفاوضات الحل النهائي، التي تجعل مصير القدس رهناً بالمفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ولا غرابة في أن يوافق الرئيس السيسي على استقبال مايك بنس، باعتباره مبعوثاً للرئيس ترامب، يود مناقشة أسباب وحيثيات الخلاف بين البلدين حول مصير القدس، خاصة أن مصر ترى أن القرار الأميركي يمثل عدواناً صريحاً على المركز القانوني للقدس في المرجعيات الدولية، وقرارات الأمم المتحدة، كما تعتبر الولايات المتحدة، مصر، شريكاً أساسياً مهماً للغاية في قضايا المنطقة ومكافحة الإرهاب..
وأخيراً، لماذا التشكيك في إمكانية أن يكون هناك توافق وتنسيق مشترك بين كل هذه الرؤى، خاصة أن دولة مصر، التي تضم كل هذه المؤسسات، وتضمن تكامل جهودها، هي التي قدمت مشروع القرار لمجلس الأمن، رداً على قرار الرئيس الأميركي الأحادي الجانب،ولا أعرف ما هو المغزى الحقيقي من تغيير مسار رحلة نائب الرئيس الأميركي بنس، الذي كان يعتزم زيارة إسرائيل أولاً، قبل أن يأتي لمصر، ثم اختار أن يأتي لمصر أولاً، ليستمع إلى موقف مصر من قضية القدس، الذي لن يختلف عما سمعه الرئيس الأميركي ترامب من الرئيس السيسي، إلا أن يكون الرئيس الأميركي حمل نائبه بنس وجهة نظر جديدة.
وفي دفاعه عن قراره الذي يعترف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، ويوافق على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، كثيراً ما يؤكد الرئيس الأميركي، أنه قرار لا يضيف جديداً، ولا يغير من واقع الأمر شيئاً!، لكن الواضح، أن خطط حكومة بنيامين نتنياهو لتغيير هوية القدس، تمضى على قدم وساق، من أجل بناء المزيد من المساكن في القدس الشرقية، والمؤسف في الصورة، أن إدارة الرئيس ترامب.
رغم إعلانها شراكة مصر في حربها على الإرهاب، وبناء سلام الشرق الأوسط، تصمت عن أفعال إسرائيل الأحادية الجانب في القدس الشرقية، ولا ترى بأساً في مشروع وزير المواصلات الإسرائيلي، الذي يدخل فوراً حيز التنفيذ، ليبدأ تشغيل قطار القدس العام القادم، دون أن يجد الرئيس ترامب حرجاً في إطلاق اسمه على محطة القطار الأولى، بينما تمارس إدارة ترامب الضغوط على مصر.
وتستخدم في ذلك ملف أقباط مصر، بدعوى أنهم يتعرضون للاضطهاد الديني، بينما تعرف إدارة الرئيس ترامب جيداً، أن أقباط مصر يحظون بكامل حقوق المواطنة، منذ أن تولى الرئيس السيسي حكم مصر، شأنهم شأن كل المصريين، وأن الرئيس السيسي هو الذي أعاد لهم كل الاعتبار.
واعتبر أعيادهم أعياداً لكل المصريين، وهو يفعل كل ما يستطيع لحماية أمنهم من جماعات الإرهاب التي تستهدفهم نكاية في مصر، رغم أن الشعب المصري، وفي مقدمه الأزهر الشريف، يقف إلى جوارهم ويشد أزرهم، ويعتبر أمنهم جزءاً لا يتجزأ من الوطن..
ومع الأسف، تتجاهل إدارة ترامب كل هذه الجهود، وتشهر ورقة الأقباط في وجه مصر، نفاقاً لمجموعات المسيحيين الإنجيليين أعضاء الحزب الجمهوري، بما يجعل تعويل مصر على إدارة الرئيس ترامب، موضع شكوك غالبية المصريين، يرتابون في قدرة ترامب على مساعدة مصر في حربها على الإرهاب، لأن مساعدة مصر في حربها على الإرهاب، لا يكون بالتشهير بها داخل الكونغرس من أنصار الرئيس ترامب، بينما تبذل أقصى ما تستطيع لحماية أبنائها الأقباط.
وما يزيد الطين بلة، أن أقباط مصر يعرفون جيداً، أن حكم الرئيس السيسي يرفض على نحو قاطع، المساس بهم، ويقتص لهم، كما أنهم يرفضون أن تكون مشكلاتهم الداخلية موضع تدخل قوى الخارج، بما في ذلك الولايات المتحدة، ولا أدل على ذلك من موقف الكنيسة القبطية، التي هي جزء من الوطنية المصرية، تماماً مثل الأزهر الشريف، يشكلان معاً البيت المصري الواحد، ومع الأسف، فإن إدارة ترامب لا تأخذ خطاً مستقيماً واضحاً في دعمها مصر ضد الإرهاب، ولكن تأخذ خطاً متعرجاً كالزجزاج.