عندما تصاب العقول بمرض التحجر والخمول، فتصبح عبارة عن أداة للقتل والتكفير، ووسيلة للهتك والتهجير، فتكون النتيجة الخراب والدمار، وضياع الأمن والإستقرار، وتصبح كل مخلوقات الله تعالى تحت خطر الإبادة جراء هذه العقول البليدة، فوجود العقول الجامدة تعطي مؤشر على إن أصحابها يملكون رؤوس فارغة، لا يؤتون خيراً أينما يحلون وللدماء يسفكون، والدمار يورثون، وأكثر مرارة نعيشها بسبب تلك العقول التي تتلاعب بالدين فتجعل منه عبارة عن قطعة طين، تشكلها كيفما تريد وتشتهي، فتكفر من تشاء وتقدس من تشاء…
وخير شاهد على ذلك هو الفكر التيمي المتحجر الذي لم يسلم منه لا نبي ولا خليفة، فإتهموا النبي ” صلى الله عليه وآله وسلم ” وهو صاحب الخلق العظيم إتهموه بالذنوب والمعاصي، وحتى خلفاء الإسلام الذي يدعي التيمية الإنتماء لهم لم يسلم هؤلاء الخلفاء من تكفيرهم, فمثلاً يقول ابن تيمية في كتاب مجموع الفتاوى الجزء الثالث عشر، الصفحة 73 ((وكذلك من اتبع ما يرد عليه من الخطاب أو ما يراه من الأنوار والأشخاص الغيبية، ولا يعتبر ذلك بالكتاب والسنة، فإنما يتبع ظناً لا يغني من الحق شيئاً. فليس في المحدثين الملهمين أفضل من عمر، كما قال صلى الله عليه وسلم “إنه قد كان في الأمم قبلكم مُحَدَّثُون، فإن يكن في أمتي منهم أحد فَعُمَر منهم”….))…
وهنا نلاحظ إن ابن تيمية قد نبز الخليفة عمر ” رضي الله عنه ” بصورة احترافية، فهو قدم كلام إتباع الظن على مدح الخليفة فقال إن من يتبع أنوار وأشخاص غيبية فهذا تابع للظن والظن لا يغني من الحق شيئاً ثم قال أن الخليفة عمر أفضل (((( المحدثين الملهمين )))) وهنا كيف يأتي الإلهام للخليفة عمر ؟ هل عن طريق الوحي وهذا محال، بل الإلهام يتحقق بطريقة ورود الخطاب أو رؤية أنوار أو أشخاص غيبية ….
إذن ابن تيمية يقول إن الخليفة أفضل الذين يتبعون الظن الذي لا يغني من الحق شيئاً خصوصاً وإن كلامه عن الخليفة عمر ” رضي الله عنه ” جاء كتتمة لما قبله من كلام عن الظن وقد عطف كلامه على الخليفة عمر ” رضي الله عنه ” على ما سبقه من كلام ((….. فإنما يتبع ظناً لا يغني من الحق شيئاً. فليس في المحدثين الملهمين أفضل من عمر……)) فليلاحظ القراء الكرام كيف عطف ابن تيمية الكلام مستخدماً حرف العطف ( الفاء ) وهذا يبين عقيدته الحقيقية في الخلفاء لكنه لا يريد التصريح بذلك لأنه يستخدمهم كوسيلة لتمرير عقيدة التجسيم عنده بحجة إن ما يقوله من السنة لذلك يعطي رأيه بهم لكن بصورة تدليسية محترفة بحيث يدس فكره بشكل غير مباشر فيقدم النقد والنبز وبعد ذلك يبدي يثني ويمتدح !! حتى يسحب فكر القارئ إلى المديح لكنه – أي ابن تيمية – في الوقت ذاته عبر عن عقيدته ورؤيته بالخليفة.
فهذه واحدة من التناقضات الفكرية عند ابن تيمية فتارة يذم الخليفة وأخرى يمتدحه!! ولمدحه هنا وكم بينا هو من أجل التغطية على عقيدته في الخليفة عمر لكن وكما يقول المرجع المحقق الصرخي في المحاضرة الثانية والأربعون من بحث ” وقفات مع توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري” {{…إنا لله وإنا إليه راجعون!! كلام يناقض كلام وجملة تناقض جملة وفقرة تناقض فقرة….. هل يوجد أوضح مِن هذا الكلام، هل يوجد عاقل لا يفهم حقيقة ما يدل عليه الكلام، هل يوجد واحد بنصف عقل أو بِثُمن عقل لا يفهم ذلك؟؟! أكيد لا يوجد، فهل يوجد أناس بدون عقل لا يفهمون ذلك؟! نعم إنَّهم التيمية وبكلِّ إصرار!! ….(…)…. فإنَّ خرافات التيمية وإفلاسهم تخالف الواقع والبديهيات والضرورات كما يخالفون كروية الأرض فيقولون إنَّها مسطحة، وكما يخالفون دوران الأرض حول الشمس فيقولون بدوران الشمس حول الأرض!!…(…)… هنيئًا لكم على هذه الرؤوس الفارغة مِن الفكر والعقل …}}.
فلا توجد ثوابت ولا مبادئ عند ابن تيمية ولا عند أتباعه فكل شيء عندهم هو ضمن دائرة التكفير والإبتداع مادام لا يوافق فكره المريض الخرافي الأسطوري، فكيف لا يكون ذلك وهم حتى الذات الإلهية المقدسة لم تسلم من قدحهم وتجسيمهم وتشبيههم!.