أعود بين حين وآخر إلى ما أسميه «الأخبار العربية الأخرى»، وهي أخبار أجدها مهمة مع أن أكثرها يضيع والميديا تغطي أهم حوادث الأمة السعيدة بجهلها.
الحكومة التونسية أعلنت برنامج تقشف ردّ عليه التونسيون بتظاهرات واحتجاجات أدت إلى محاولة الحكومة قمع المتظاهرين. قرأت عن مئات من المواطنين، بينهم زعماء في المعارضة اعتُقِلوا، كما قرأت عن سقوط جرحى، بينهم رجال شرطة. وراء كل هذا رفع الحكومة أسعار المكالمات الهاتفية والقهوة والشاي وغاز الطبخ ووقود السيارات ومواد كثيرة أخرى. الحكومة تقول إنها اضطرت لاتخاذ قرارها لوقف العجز المتزايد وإرضاء الدائنين الدوليين.
تظاهرات الاحتجاج اجتاحت تونس كلها، وقد أحببت تونس العمر كله، ولي فيها أصدقاء، فأقول أنا لست مع المتظاهرين، وأيضاً لست مع الحكومة. كنت أتمنى لو أن الدول العربية القادرة تساعد تونس على تجاوز الأزمة.
ومن تونس إلى اليمن، حيث الوضع الإنساني يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وهناك حوالى ثمانية ملايين يمني يواجهون المجاعة، وجماعات طبية أجنبية تقول إن الإصابات بالكوليرا تكاد تصل إلى مليون إصابة.
الوضع هنا أوضح لي، ففي اليمن خونة اسمهم «الحوثيون» تؤيدهم إيران، وهناك تحالف عربي تقوده المملكة العربية السعودية لا يمكن أن يقبل إطلاقاً بوجود إيران على حدود بلدان الخليج. الحوثيون قتلوا حليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، واستولوا على مكاتب حزبه.
التحالف يشن غارات جوية يومية على مواقع الحوثيين، وكان حاصر ميناء الحديدة ثم خفف الحصار لتصل إسعافات إلى الجياع في اليمن.
كيف رد الحوثيون؟ هم أرسلوا قارباً مليئاً بالمتفجرات ليعترض سفينة نفط سعودية، وعندما فشلت المحاولة بدأوا يهددون بإرسال قوارب متفجرة أخرى تعمل بـ «الريموت كونترول» لإغلاق قناة السويس، ويتحدثون أيضاً عن إغلاق باب المندب. كلامهم يفوق قدراتهم.
أنتقل إلى قطر وجاراتها، فهناك أربع دول قطعت العلاقات معها، وحكومة قطر ركبت رأسها إلى درجة أن تشكو إلى الأمم المتحدة. آخر حادث هو اعتراض طائرات حربية قطرية طائرتين مدنيتين أقلعتا من الإمارات العربية المتحدة إلى البحرين.
البحرين عرضت على التلفزيون صوراً التقطها الرادار للطائرات القطرية وهي تعترض طائرات مدنية خارج الحدود الإقليمية لقطر التي أنكرت التهمة وقالت إن الشريط المعروض مزور، وإن على المتهمين أن يقدموا شكوى إلى مجلس الأمن الدولي. أقول «في المشمش»، فمجلس الأمن أصدر عشرات القرارات ضد إسرائيل ولم تنفذ. مع ذلك، قررت الإمارات أن تشكو إلى منظمة الطيران المدني الدولي.
أبقى مع البحرين، فقد أصدرت المحكمة العسكرية العليا أحكاماً بالموت على ستة مواطنين وحكمت على آخرين بالسجن 15 سنة، وسحبت منهم الجنسية البحرينية، وبرأت خمسة آخرين.
وخبر من لبنان، فلجنة الرقابة منعت فيلم «ذي بوست» للمخرج ستيفن سبيلبيرغ واتهمته بالتعاون مع إسرائيل. وزير الداخلية نهاد المشنوق ألغى قرار الرقابة وسمح بعرض الفيلم. سبيلبيرغ يهودي وهو في حرب إسرائيل على حزب الله ولبنان كله سنة 2006، دفع مليون دولار لأعمال الإغاثة في إسرائيل. أقول إن سبيلبيرغ مخرج مشهور له أفلام جميلة تستحق أن يراها الناس، والفيلم «ذي بوست» يتحدث عن رفض كاثرين غراهام، ناشرة «واشنطن بوست»، طلباً بعدم نشر «أوراق البنتاغون» المشهورة. بطولة الفيلم الجديد لميريل ستريب وتوم هانكس، وهما في شهرة سبيلبيرغ أو أشهر. أرى قرار أخينا نهاد صحيحاً.
نقلا عن الحياة اللندنية