نون والقلم

إلى السعودية: (أعينوهم على الحج أعانكم الله)

الحج لبيت الله الحرام جهاد لا شوكة فيه. والحج فريضة وركن الإسلام الخامس. وليس لأحد أن يمنع أحدا منه مهما كانت الأسباب، خاصة الأسباب الفنية والإجرائية التي ترتبط بجواز السفر، والتفييز، وعمل الكمبيوتر، والماسح الضوئي. قديما كانت هذه الإجراءات يقوم بها موظفو السفارات يدويا، واليوم يجرونها إلكترونيا، وهذا تطور علمي وإجرائي جيد، ولكن قد يصاب الكمبيوتر، أو الماسح الضوئي بالغباء، أو الفشل في قراءة معلومات جواز ما لسبب من الأسباب، فهنا يتعطل سفر الحاج لأداء الفريضة، لأن العامل البشري ( الموظف ) ألغى عقله، وألغى وجوده، وجعل القرار للتقنية فقط، غافلا عن حقيقة لن تنتهي أبدا وهي : أن الإنسان حكم على التقنية، وليس العكس، وليس للموظف أن يلغي وجوده ودوره أمام عمل الماسح الضوئي مثلا.

وإليك هذه القصة الحقيقية التي سببت كتابة هذا المقال عسى أن تجد أذنا صاغية عند المسئولين في المملكة السعودية وسفارتها في القاهرة، فيتدخلوا لمعالجة مشكلة عدم تفييز (١٨٠) جوازا فلسطينيا، بسبب عدم قدرة الماسح الضوئي على قراءة جوازاتهم؟!

قال متحدثي: أنا مسجل للحج مع والدتي وشقيقتي محرما لهما منذ سبع سنوات خلت، وقد فرحنا فرحا عظيما إذ وصلنا الدور في هذا العام، وكانت والدتي ( شبه مقعدة) الأشد فرحا لأنها شعرت أنها ستصيب الحج قبل أن يصيبها سيف المنية، فهي كبيرة السن. قدمنا جوازاتنا، ودفعنا رسومنا واشترينا هدايانا من غزة حتى نتفرغ للحج والعبادة، واستقبلنا المهنئين، ورتبنا شئون من تبقى من أهلنا خلفنا، وانتظرنا يوم السفر فرحين بنعمة الله علينا، بعد أن أخذنا دروسا في مناسك الحج. وفي الأيام الثلاثة التي قررت فيها السلطات المصرية فتح معبر رفح لحجاج غزة، أخبرني مكتب الحج بتفييز سفر والدتي، وشقيقتي، وبعدم تفييز جوازي، لأن الماسح الضوئي في السفارة في القاهرة عجز عن قراءة جوازي؟!!!!!!!

الجواز صادر من رام الله في اليوم نفسه الذي صدر فيه جواز والدتي وشقيقتي، وبه الإجراءات نفسها، واحدة بواحدة، بلا زيادة ولا نقصان. بكت والدتي وشقيقتي، وبكيت معهما من شدة الألم، فالسفر تبقى له يومان، وإذا لم تحل المشكلة، فستسافر والدتي وشقيقتي بدون محرم، وبدون رجل يدفع عربة الوالدة؟! اتصلت بجميع الجهات ذات العلاقة لحل المشكلة، ولكن بدون جدوى، لأن الموظف في السفارة ألغى وجوده وأسلم قراره للماسح الضوئي والتقنية، ولم يفكر بحل المشكلة يدويا، ولم تتدخل السفارة الفلسطينية لاستبدال الجواز فورا على حساب المواطن لتمكينه من الحج ؟!

فهل يجوز هذا يا سادة يا كرام؟! والمسألة التي نتحدث فيها مسألة عبادة وفريضة وحج، لا مسألة رحلة ترفيهية؟! أين السفير؟! أين القنصل؟! أين المسئول عن تسهيل إجراءات الحج لعمار بيت الله الحرام؟! ما ذنب المواطن الغزي في هذه المشكلة ؟! هو قدم جوازا صحيحا لا تزييف فيه ولا تزوير، كجواز أمه وشقيقته؟! وقال لي آخر لقد تم تفييز جوازي، دون جواز زوجتي، لأن الماسح الضوئي عجز عن قراءة جواز زوجتي، فتعجبت عجبا شديدا لهذا الأمر، لأنه في العام الماضي خرجت زوجتي للعمرة وقرأ الماسح الضوئي جوازها. فماذا حدث للجواز أو للماسح الضوئي يا ناس؟!

جلالة الملك سلمان يا سفارة لا يرضى بأن يمنع حاجا من الحج؟! ماذا سيجيب الله إن سأله عن عجز هذا الحاج عن الحج؟! هل سيقول لله إن الماسح الضوئي هو المسئول؟! لا يا سادة، حكموا العقل حين تعجز التقنية، وحين يعجز الماسح الضوئي عن قراءة جواز لسبب أو لآخر. أدركوا من لم يتم التفييز لهم لهذا السبب، وساعدوهم بحل إنساني بشري للسفر هذا العام، فقد أصابوا هذه الفرصة بعد سبع سنوات من الانتظار والأمل. وبقي كلمة نقولها في أذن من يعنيهم الأمر: إنه ولو عوملت غزة معاملة البلاد الأخرى بتبكير إجراءات جوازات السفر لوجد هؤلاء الحجاج فرصة من الوقت لاستبدال جوازاتهم والعودة مرة أخرى لحكم وتحكم الماسح الضوئي، على الرغم من أنهم ليسوا مسئولين عن هذه المشكلة التقنية . أعينوهم أعانكم الله، وارحموا ملككم من السؤال غفر الله لكم. والسلام .

نقلا عن فلسطين أون لاين

 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى