بشّرنا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، أن من القرارات المتوقعة للمجلس المركزي الفلسطيني الذي سيعقد غدا «تغيير طابع ووظيفة السلطة الوطنية الحالية وتحويلها من سلطة انتقالية إلى دولة تحت الاحتلال».
ورغم ملاحظاتنا، وقبلنا وسوانا الكثير حول عقدة الدولة التي تحكّمت بالخطاب الوطني الفلسطيني منذ عقود، بدل التركيز على تحرير الأرض، وما ترتب عليها من مصائب منذ الاعتراف بقرار 242، وصولا إلى أوسلو، فإن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه فيما يتعلق بالقرار المشار إليه هو: ماذا سيترتب عليه، أعني فيما يتعلق بآليات التعامل مع الاحتلال في حال إقرار الصيغة؟
نفتح قوسا كي نشير إلى أن قرارات سابقة للمجلس المركزي لم توضع موضع التنفيذ وتم تجاهلها بالكامل، وفي مقدمتها وقف التعاون الأمني مع الاحتلال، لكن هذا الطرح الجديد يستحق وقفة رغم ذلك، لا سيما أنه يأتي عقب مسلسل من قرارات التصعيد الأمريكي الصهيوني، بدءا بقرار الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، ومرورا بقانون القدس الموحدة، وقانون (الليكود) بضمّ الضفة الغربية، فضلا عن مسلسل التهويد والاستيطان الذي يتصاعد على نحو مثير.
وحين نتحدث عن دولة تحت الاحتلال، فإن الأصل أن الحديث يجري عن دولة على كامل الأراضي الحتلة عام 67، وليس فقط المناطق التي تؤوي السلطة الحالية، والتي لا تتعدى عمليا 10 في المئة من مساحة فلسطين التاريخية، فيما يعلم الجميع أن النسبة الأصلية هي 22 في المئة.
السؤال الذي يطرح نفسه على أصحاب هذا القرار هو: كيف ستتعامل الدولة الواقعة تحت الاحتلال مع من يحتلونها؟ مع أن السؤال الأفضل هو: كيف يتعامل الشعب الواقع تحت الاحتلال مع الدولة التي تحتل أرضه؟
هل سيتحول سلاح السلطة تبعا لذلك إلى سلاح يتصدى للغزاة الذين يدخلون ويخرجون يوميا كي يعتقلوا الفلسطينيين، وهل ستقر قيادة الدولة العتيدة بحق شعبها في التصدي للغزاة الذين يحتلون أرضه، أكانوا مستوطنين أم جنودا، أم ستواصل التعاون الأمني مع الدولة المحتلة ضد من يفكرون بمقاومتها؟
إن قرارا كالذي يتحدث عنه القوم يتطلب آليات جديدة مختلفة تعني الاشتباك مع كل رموز الاحتلال في أراضي الدولة العتيدة التي سيتم الإعلان عنها، ونبذ أي تعاون معها، وهذا يعني أن جميع رموز الاحتلال في أراضي الدولة هم أهداف مشروعة للمقاومين، وبكل الوسائل المتاحة، وليس فقط عبر المقاومة الشعبية، كما أن السلاح الذي يحمله رجال السلطة ينبغي أن يغير من عقيدته التقليدية التي بناها الجنرال دايتون، ويصبح حاميا للشعب وحائلا دون توغل قوات الاحتلال كل ليلة لاعتقال المقاومين، أو من يدعمون المقاومة.
هل لدى قيادة السلطة نوايا لفعل ذلك، أو أن القرار الجديد في حال تم اتخاذه سيوضع في الأدراج كما سبقه من قرارات، وستواصل السلطة السير وفق عقيدتها التي تم التأكيد عليها منذ العام 2004، بعد أن جرى الانقلاب عليها نسبيا خلال انتفاضة الأقصى، وصولا إلى عودة الاحتلال الكامل من جديد بعد عملية السور الواقي، ربيع العام 2003؟
إن توجها كهذا النوع يتطلب استراتيجية كاملة جديدة تتم بالتوافق مع كل القوى في الساحة، الأمر الذي يلتقي تماما مع فكرة الانتفاضة الشاملة التي ينادي بها جميع الشرفاء في الساحة الفلسطينية، فهل القيادة جاهزة لذلك؟ نتمنى من جديد، وإن ذهبت أمنياتنا السابقة على هذا الصعيد أدراج الرياح؛ مع الأسف الشديد بالطبع.