نون والقلم

قبلات الوطن على جبين الأبطال

ويسألونك عن النصر.. قل إن النصر آتٍ بعون الله، وبثقة القائد وبوعده لجنوده بأنهم سيفرحون قريباً، فبالأمس كانت لقاءات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ببقية الجرحى والمصابين مؤثرة جداً ، ليس تأثر الضعيف المتألّم، وإنما تأثر القوي الفخور والسعيد بإنجازات وبطولات جنوده.

فما قدمه جنود الإمارات من بطولات وتضحيات وانتصارات على أرض المعركة يجعل كل إنسان إماراتي يفتخر برجال قواتنا المسلحة، ويجعلنا ندرك أن أبناء الإمارات تربوا على الشجاعة والشرف والإقدام في أرض المعركة، لذا فقد كانت كلمة الجنود الجرحى واحدة وهي الرغبة في الرجوع إلى أرض المعركة، ثم العودة إلى أرض الوطن بالنصر، وهذا ما بشرهم به قائدهم الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله، عندما قال لهم: أعدكم بأن تفرحوا قريباً يا أبنائي.
هؤلاء الجنود المصابون هم أكثر من يعرف أن عودتهم إلى اليمن ليست نزهة، وليست بطولات أو استعراضات، هم يدركون، كما ندرك جميعاً، أن الحرب في اليمن صعبة صعوبة جغرافيتها وديموغرافيتها، وتعقد تركيبتها الاجتماعية والتاريخية، لذا فإن الخطر يحدق بجميع جنود التحالف من كل جانب، وفي كل لحظة، وعلى الرغم من كل ذلك فإن أولئك البواسل يصرّون على العودة، ويرخصون أرواحهم ودماءهم، ويصرون على القتال إلى جوار زملائهم لسبب واحد ومهم، وهو أنهم يدركون أن معركتهم، معركة كرامة وحق، وأن العدو الذي عبث باليمن يجب أن يتوقف، وأنهم وزملاءهم من قوات التحالف هم الأمل الأخير والوحيد لحماية المنطقة من الأطماع الإقليمية، ومن العبث الداخلي الحوثي وغير الصالح وأتباعهما.

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، رعاهما الله، زارا أقارب جميع الشهداء بعد تشييعهم مباشرة وفي مشهد مليء بالفخر والتلاحم، وكلّلا رؤوس آباء وأشقاء وأبناء وبنات الشهداء بقُبلات الحنو والاحترام والفخر والاعتزاز، في مشهد راق وصادق، نادراً ما يراه الإنسان بين قادة وشعب في أي من دول العالم، وهذا ما زاد تلاحم الإماراتيين، وجعلهم يشعرون من جديد بأن قيادتهم جزء أصيل منهم ولا ينفصلون عنهم أبداً. وعندما واصل الشيخ محمد بن زايد زياراته للجنود المصابين كان حريصاً على الرغم من انشغالاته ومسؤولياته وجدوله المزدحم، على أن يمر على الجرحى والمصابين واحداً واحداً، ويجلس معهم ويستمع ويتحدث إليهم ويقبّلهم على جباههم وعلى أكفّهم شكراً وتقديراً لبطولاتهم، ويضمّهم إلى صدره ويحتضنهم فرحاً بسلامتهم.. كما قام الحكام والشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين في الدولة بتقديم واجب العزاء لأهالي الشهداء في مشهد مهيب أكد أن البيت متوحد..

تلك المشاهد النادرة بين قادة الوطن والشعب المليئة بالفخر والاعتزاز لاشك في أنها تغيظ العدو الذي أراد أن يكسر إرادة قواتنا المسلحة وأن يوهن من عزيمة شعبنا، لكنه اكتشف أن هذا الجيش، وذلك الشعب أقوى بكثير من أن تكسره يد الغدر والخيانة، فأصبح أقوى وأشد وأكثر عزماً على الانتصار. بل أدى استشهاد تلك الكوكبة من جنودنا البواسل إلى غرس العزيمة والفخر والكبرياء في قلوب أطفال الإمارات الذين أصبحوا يعرفون اليوم معنى الشهيد ويعرفون ماذا يعني الوطن، وبالتالي يكونون مستعدين لتلبية نداء الوطن والقيادة في أي وقت.

نقلا عن صحيفة الإتحاد

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى