نون والقلم

السيد زهره يكتب: الغرب والموقف المشين من انتفاضة الشعب الإيراني

موقف الدول الغربية، وبالأخص الدول الأوروبية، من انتفاضة الشعب الإيراني ، يجب أن نتوقف عنده مطولا ونتأمل ما يعنيه.

هذا الموقف اقل ما يقال عنه انه موقف مشين. هو موقف متواطئ مع النظام الإيراني، ويشجعه عمليا على الاستمرار في قمع الانتفاضة.

هم أنفسهم في أوروبا يدركون هذا، ويعتبرون ان موقفهم هو موقف حكيم متزن.

الدول الأوروبية، على المستويات الرسمية وغير الرسمية، لم يزعجها كثيرا ارتفاع أعداد الضحايا في انتفاضة الشعب الايراني ولا القمع الذي يمارسه النظام، واكتفت بمجرد «التعبير عن القلق» إزاء ارتفاع عدد الضحايا، والدعوة إلى «ضبط النفس» وما شابه ذلك من تعبيرات مائعة.

وكالة الصحافة الفرنسية نشرت قبل يومين تحليلا حول موقف الاتحاد الأوروبي من القضية، ووصفته بأنه «موقف أقل ضغينة»، ونقلت عن ساسة وباحثين أوروبيين اعتبارهم ان هذا «موقف حكيم».

التحليل نقل عن سفير فرنسي سابق في إيران قوله: «الموقف الأوروبي اقل افادة لنا أمام الرأي العام لدينا، لكنه ينم عن حكمة». يريد ان يقول ان هذا الموقف المتخاذل من الانتفاضة والمتواطئ عمليا مع النظام لا يمكن ان يرضي الرأي العام الأوروبي، لكنه مع هذا موقف حكيم.

القضية هنا أننا لا نتوقع من الدول الأوروبية مثلا إعلان تأييدها لانتفاضة الشعب الإيراني، لكن على الأقل ان تدين بشكل صريح القمع الذي يمارسه النظام والذي أدى إلى سقوط عشرات القتلى واعتقال المئات، وأن تطالب النظام الإيراني باحترام الديمقراطية والحرية وحق التظاهر السلمي.

السؤال هنا هو: لماذا تفعل الدول الأوروبية هذا؟.. لماذا تتواطأ مع النظام الإيراني وتتستر على قمعه ولا تبدي أي اكتراث للضحايا الذين يسقطون جراء هذا القمع؟

جانب من التفسير قدمه تحليل الوكالة الفرنسية حين نقل عن باحث في مركز أبحاث فرنسي قوله: «على الصعيد الدبلوماسي، فإن إيران لاعب مركزي في كثير من الأزمات الإقليمية، وكل ذلك يصب في الفكرة السائدة في أوروبا ومفادها الحاجة إلى إعادة العلاقات إلى سابق عهدها مع طهران، ويجب النظر إلى الموقف الأوروبية على هذه الخلفية». واعتبر هو أيضا ان الموقف الأوروبي «موقف حكيم» وأنه «لا يجب صب الزيت على النار، فالمعتدلون الإيرانيون لديهم الكثير ليخسروه في هذه الأزمة فيما يكسب المتشددون الكثير».

إذن، وكما يقول هذا الباحث، فإن كل ما يهم الدول الأوروبية هو مصالحها مع إيران، الاقتصادية وغير الاقتصادية، وأنه في سبيل ذلك «من الحكمة» الصمت عن القمع الذي يمارسه النظام.

طبعا، ليس هذا هو السبب الوحيد لموقف الدول الأوروبية. حقيقة الأمر ان الدول الأوروبية تريد للنظام الإيراني ان يبقى بكل دوره الإرهابي في تقويض أمن واستقرار الدول العربية. هي لا تريد دولا عربية قوية، وتريد ان تبتز الكل حصولا على المنافع.

لماذا نثير هذه القضية، ولماذا هي مهمة بالنسبة لنا؟

السبب أنه كما نعلم على امتداد السنوات الماضية، لم يكف البرلمان الأوروبي، ولم تكف الدول الأوروبية، عن إصدار البيانات وتوجيه الانتقادات والإدانات لحكومات الدول العربية تحت دعوى الدفاع عن الديمقراطية والحريات وضرورة احترام حقوق الإنسان.

حدث هذا على الرغم من أن مواقف الدول الأوروبية والبرلمان الأوروبي في حالة البحرين مثلا كانت مبنية على معلومات مغلوطة غير صحيحة.

لنقارن هذا بالموقف الحالي من انتفاضة إيران وما يمارسه النظام الإيراني من قمع وانتهاكات للحريات، وسندرك كيف أن مواقف هذه الدول الأوروبية هي مواقف مسيسة تحكمها مصلحتها وأجندات سياسية ولا علاقة لها بالديمقراطية والحريات وحقوق الانسان.

نقلا عن صحيفة الخليج البحرينية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى