تجمع عشرات الآلاف من الاشخاص في عدد من المدن الايرانية اليوم الاربعاء، للتعبير عن دعمهم للنظام وادانة «الاضطرابات» التي شهدتها البلاد منذ حوالى اسبوع والتي تخللتها اعمال عنف دامية.
وشهدت طهران ليلة هادئة بعد التظاهرات الاحتجاجية خلال الايام السابقة التي تم خلالها توقيف حوالى 450 شخصا، بحسب الاعلام الرسمي.
ورفع المتظاهرون لافتات تدين «مثيري الشغب»، ورددوا هتافات مؤيدة لمرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي، وأخرى من بينها «الموت لاميركا» و«الموت لاسرائيل» و«الموت للمنافقين»، في إشارة الى حركة مجاهدي خلق التي تتهمها السلطات الايرانية بتأجيج أعمال العنف.
وبث التلفزيون الحكومي لقطات مباشرة لمسيرات خصوصا في الاحواز (جنوب غرب) واراك (وسط) وايلام (غرب) وكرمنشاه (غرب) وغرغان (غرب).
وهتف بعض المتظاهرين «بالدم، بالروح، نفديك مرشدنا”»، ورفع كثيرون الاعلام الايرانية.
وتشهد ايران منذ ايام تظاهرات احتجاج على الصعوبات الاقتصادية وضد السلطة. وقتل 21 شخصا على الاقل في اعمال عنف منذ بداية هذه الاحتجاجات في 28 كانون الاول/ديسمبر في مشهد (شمال شرق).
وتأتي هذه التظاهرات صباح الاربعاء بعد ليلة هادئة في طهران التي شهدت تظاهرات صغيرة في الليالي الثلاث الماضية، كما ذكرت وسائل الاعلام ومسؤولون.
وقتل 21 شخصا بينهم 16 متظاهرا منذ أن انطلقت التظاهرات في 28 كانون الاول/ديسمبر في مشهد (شمال شرق)، ثاني مدن إيران، قبل أن تنتشر سريعا وتمتد إلى جميع أنحاء البلاد. ويحتج المتظاهرون على الضائقة الاقتصادية وسياسات حكومة الرئيس حسن روحاني المتقشفة.
وأعلنت السلطات توقيف عدد من «مثيري الاضطرابات» في مناطق مختلفة. وتفيد أرقام نشرتها السلطات ان 450 شخصا أوقفوا في طهران منذ مساء السبت ومئات آخرين في المحافظات الاخرى.
«اجتماع طارىء»
ومنذ انطلاقها، لم يتوقف الرئيس الاميركي دونالد ترامب عن إعلان تأييده للمتظاهرين، وانتقاد السلطات، وصولا الى وصف النظام بـ«الوحشي والفاسد». وتعمل واشنطن على استغلال التطورات لزيادة الضغط على الجمهورية الاسلامية.
وطلبت السفيرة الاميركية في الامم المتحدة نيكي هايلي الثلاثاء عقد «اجتماعات طارئة لمجلس الامن في نيويورك ومجلس حقوق الانسان في جنيف» لبحث التطورات في ايران و«الحرية» التي يطالب بها الشعب الايراني.
واضافت هايلي «علينا الا نبقى صامتين. الشعب الايراني يطالب بحريته»، من دون ان تحدد مواعيد لهذه الاجتماعات.
وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض سارة ساندرز الثلاثاء ان النظام الايراني «يصرف ثروات بلاده على الانشطة والارهاب في الخارج، بدلا من تأمين الرخاء في الداخل».
واضافت ان «اسعار السلع الاساسية والنفط ترتفع، فيما الحرس الثوري تصرف ثروات البلاد على المجموعات المقاتلة الاجنبية يجمع ثروة على الطريق».
واتهم المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي الثلاثاء «أعداء» إيران بالتآمر ضد الجمهورية الاسلامية.
وكان الرئيس الايراني حسن روحاني اتهم «أقلية صغيرة» بإثارة الاضطرابات، مشيرا الى أن «أمتنا ستتعامل مع هذه الأقلية التي تردد شعارات ضد القانون وإرادة الشعب».
وصرح روحاني في اتصال هاتفي مع نظيره التركي رجب طيب اردوغان اليوم الاربعاء، انه يأمل بان تنتهي التظاهرات التي تهز ايران منذ الاسبوع الماضي «خلال ايام»، كما اعلنت الرئاسة التركية في بيان.
وقالت الرئاسة التركية ان اردوغان اكد في هذا الاتصال الهاتفي ضرورة حماية «السلم والاستقرار» في المجتمع الايراني، وانه يشاطر نظيره الايراني رأيه بان الحق في التظاهر يجب الا يؤدي الى «انتهاكات لقانون».
وكانت مجموعة الاصلاحيين الرئيسية في ايران برئاسة الرئيس الاسبق محمد خاتمي نددت الثلاثاء باعمال العنف التي تخللت الاحتجاجات في الايام الاخيرة وبـ«الخداع الكبير» الذي تمارسه الولايات المتحدة عبر اعلان تأييدها التظاهرات.
في شوارع طهران، عبر عدد من المواطنين عن تفهمهم للاسباب الاقتصادية والاجتماعية الكامنة وراء الاحتجاجات غير المسبوقة منذ 2009، في وقت ترتفع نسبة البطالة بين الشباب الى 40 في المائة، لكنهم شجبوا بقوة اعمال العنف.
وقالت سكينة عيدي وهي صيدلانية في السابعة والثلاثين ان «الشريحة الاكثر فقرا تعاني من ضغط كبير، لكنني لا اعتقد ان هذه الاحداث ستتواصل».
واضافت «حتى الذين نهبوا وأحرقوا ممتلكات عامة يعرفون ان انعدام الأمن في البلاد لا يصبّ في مصلحة أحد».
وقالت سوريا سعدات (54 عاما) إنها لا توافق على مقولة إن هناك جهات أجنبية وراء الاضطرابات، مضيفة «الناس وصلوا الى نقطة لم يعودوا قادرين فيها على تحمّل ضغط السلطات، فخرجوا الى الشارع».
وكان الانتشار الامني أقل ظهورا الاربعاء في طهران.
واعلنت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس إيمانويل ماكرون أبلغ نظيره الايراني حسن روحاني خلال مكالمة هاتفية الثلاثاء «قلقه» حيال «عدد الضحايا على خلفية تظاهرات» الايام الاخيرة في ايران، داعيا الى «ضبط النفس والتهدئة».
وكان التلفزيون الايراني ذكر في وقت سابق ان روحاني طلب من ماكرون اتخاذ اجراءات ضد أنشطة «مجموعة إرهابية» إيرانية موجودة في فرنسا، وضالعة في رأيه في التظاهرات الاخيرة.
وتتهم ايران جماعة مجاهدي خلق بتأجيج أعمال العنف وبالارتباط بالسعودية، خصمها اللدود.
وفي خضم الاحداث الجارية في ايران، أعلن الاليزيه إرجاء زيارة كان مقررا ان يقوم بها وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان لطهران نهاية الاسبوع، الى موعد لاحق.
وكان يفترض أن يحضّر لودريان لزيارة لماكرون ستكون الاولى لرئيس فرنسي الى ايران منذ عقود.
نون – أ ف ب