لم تمر المبادرة التي قام بها عدد من الفنانين المغاربة، بالاستلقاء على شاطئ الرباط لعدة دقائق، تجسيدًا للحالة التي عثر على الطفل السوري “إيلان” عليها، بشكل صامت، حيث سخر منها نقاد وكتاب واعتبرها طريقة سيئة للتضامن.
الكاتب محمد بنميلود، كتب على صفحته على “فيسبوك”، “هذا النوع من حب الظهور على حساب أي شيء يسيء لكل شيء، ويحوّل العمق في التعبير عن مأساة إلى ضحالة، وإلى كليشيه. حين فعلها مواطنون غربيون أمام شواطئهم بدت مناسبة كطريقة احتجاج وضغط غربية وهي رسالة تصل إلى حكوماتهم بتلك الطريقة واللغة المناسبة لثقافة ووعي صادق بالتظاهر والاحتجاج مختلف عن وعينا به. لكن حين يتحول الأمر إلى موجة رفع للمؤخرات كهذه، أقول لكم إنكم تؤذون تلك الصورة لذلك الطفل الملاك.. فقد تأثرنا بصورته فقط، ولن نتأثر بصوركم الاستعراضية المتصنعة”.
الكاريكاتوريست خالد الشرادي، انتقد هو الآخر المبادرة بالقول:”أضم صوتي إلى من اعتبروا مبادرة الاستلقاء على البطن فاشلة جدا من الناحية الفنية والشعرية، بل وفيها إساءة بالغة لقيمة وقوة ومضمون صورة الطفل الأصلية التي فجرت تلك التراجيديا الهائلة. أولا بسبب إبداع المصوّر ثم بسبب فداحة المشهد. المفروض في العروض الفنية التضامنية التي تواكب قضية كهذه أو ما يشبهها، أن تضيف قيمة فنية جديدة ومدعمة لقوة الموضوع الأصلي لا أن تنزل به درجا جديدا نحو الأسفل.. العرض على الشاطئ كان مثيرا للسخرية والشفقة معا، لأنه قام بترجمة ميكانيكية انطباعية لصورة ذات حمولات انسانية أكثر عمقا”.
وفي نص نشرته على صفحة لطيفة أحرار، قالت فوزية بن أيوب: “سلوك تضامني يقدم رسالة؟ أنا في حيرة. ماذا لو عملت هذه المجموعة من المغاربة على أخذ مبادرة دائمة تجاه اللاجئين السوريين بالمغرب. الفنانون بشكل عام تمسهم القضايا الإنسانية. التنديد أمر جيّد، لكن التصرّف يكون أفضل. مع السمعة التي تحظون بها، يمكن أن تحملوا أفكارا بسيطة، أن تقدموا أفعالاً عملية تجعل الإنسان في قلب النقاشات حول اللاجئين والمهاجرين. حملة لمساعدة العائلات السورية التي تحتاج إلى ذلك تظهر عاجلة، فنحن نتحدث عن 5 آلاف سوري يعيشون معاناة بالمغرب”.
غير أنه في الجانب الآخر، كان هناك من دعّم المبادرة، منهم الأستاذ الجامعي بأكادير عز الدين بونيت، إذ كتب: “كثير ممن علقوا على تلك الصور، اعتبروها حركة تضامنية بمعزل عن سياقها الفني، ودون أن يعرفوا الخلفية الفنية والثقافية للمشاركين في إنجازها. يتعلق الأمر في الحقيقة بتقديم مجموعة من الفنانين المسرحيين الشباب المعروفين بانخراطهم في الحراك الشبابي منذ 20 فبراير وقبلها في حركة (نايضة) الفنية، لعرض فني مركز مستوحى من فاجعة الطفل ايلان وما تساءل به الضمير الإنساني. هذا النوع من العروض الفنية يُعرف باسم الإنجاز الفرجوي وهو متداول في الحركات الفنية الكبرى في العالم”.
وتابع بونيت: “لا يستقيم مؤاخذة فنانين على عملهم الفني. كما لا يستقيم احتكار موضوع إنساني معين من طرف جهة أو لون فني أو مجموعة بعينها. لماذا نقبل أن يستعمل الرسام والأنفوغراف والكاريكاتوري والموسيقي والشاعر أيقونة الطفل إيلان، ونعترض حين يقدمها فنان مسرحي بوسائل المسرح التي هي الجسد والحركة والفضاء؟”.
وزاد بونيت: “لا يمكن الحكم على العرض من خلال الصور المبثوثة وحدها، ومن الواضح أنه لا يمكن فهم الموضوع إلا حين يؤخذ في كليته وفي سياق كونه عرضا فنيا وليس تقليدا فجا لوضعية الطفل أيلان.. وحتى لو كان هذا العمل الفني بدافع التضامن ومساءلة الضمير، فليس ذلك مبررا للهجوم عليه والسخرية من القائمين به”.