لن أتجاوب كثيرا مع الرطان السياسى الذى تعود ـ تقليديا ـ الحديث عن (وحدة وادى النيل).. و(المصالح الأزلية) و(التكامل المصرى السوداني)، كما سأخرج على التعليمات بعدم التسبب فى مزيد من تعقيد الأمور بالتعرض للعلاقات المصرية ـ السودانية.. الموضوع ـ جد ـ خطير ليس فقط لتجدد مطالبة السودان باعتبار «حلايب وشلاتين» جزءا من أرضها كلما أرادت التحرش بمصر، وليس فقط لعبث السودان بأمن مصر المائى فى مفاوضات سد النهضة بعد وعود إثيوبية بمدها بجزء من كهرباء السد، وليس فقط لأن السودان أسهم ـ مرات عديدة ـ فى دعم الإرهاب وميليشيات التكفير، ولكن لأن القصة بلغت حدا غير محتمل بتحرك الخرطوم وأنقرة نحو إقامة قاعدة عسكرية فى منطقة (سواكن) السودانية الأمر الذى يشيع قدرا هائلا من الإخلال بأمن البحر الأحمر وأمن مصر القومي، وبخاصة أنه اقترن بتفاهمات بين رؤساء أركان قطر وتركيا والسودان ـ يعنى بالعربى بين ثلاث دول ـ محض ـ إخوانية، فضلا عن أنه يستكمل التحركات القطرية والتركية ـ بمباركات سودانية ـ فى إحاطة مصر إفريقيا، سواء فى تشاد أو ليبيا أو السودان، حيث تتحرك كل من قطر وتركيا بنشاط فيها جميعا و(ألفت النظر إلى أننى ناديت ـ هنا ـ قبل أسابيع بضرورة تحرك مصر فى الخارج لإقامة قواعد عسكرية إزاء ما تواجهه من أخطار) والغريب أن منطقة سواكن ـ بالذات ـ هى التى ضربها الطيران الإسرائيلى غير مرة ـ لأنها طريق قوافل امدادات الإرهاب إلى غزة أو سيناء، والخرطوم تحاول بتحالفها العلنى الكبير مع تركيا أن تؤمن هذه المنطقة بكل ما سوف تشهده من أنشطة بما فيها دعم الإرهاب.. القواعد التركية فى باعشيقا (العراق) وإدلب (سوريا) وفى قطر وأخيرا فى سواكن (السودان) تجبر أى نصف متعلم ينظر إلى الخريطة أن يعلم أنها تستهدف فى النهاية مصر التى هزمت تركيا ودحرت مشروعها لإحياء الخلافة العثمانية عبر إطلاقها ثورة 30يونيو العظمي.. قاعدة سواكن هى عمل موجه ـ قطعا ـ ضد مصر ولن ندخل فى جدل يحاول تجميله.
216 دقيقة واحدة