غير مصنف

الأحزاب اليسارية بالانتخابات المغربية .. حصيلة باردة وأسئلة حارقة

 

مع حفاظ حزب “الأصالة والمعاصرة” على صدارة الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة، وصعود قوي لحزب العدالة والتنمية في عدد من كبريات المدن المغربية، تراجعت الأحزاب اليسارية في هذه الاستحقاقات التي شكلت مؤشرا للاندحار الذي تعيشه هذه الأحزاب منذ بداية الألفية الحالية.

الدكتور أحمد البوز، أستاذ القانون الدستوري بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، أكد أن “تراجع جل الأحزاب اليسارية خلال الانتخابات الجماعية والجهوية في الرابع من شتنبر، كان منتظرا بالنظر لعدد من العوامل، مقابل تطور ملحوظ للقوى المحافظة”.

وأوضح البوز، في تصريح لهسبريس، أن هذا الاتجاه بدأ منذ الألفية الثالثة، وتحديدا مع تجربة التناوب التوافقي، مع تفاوت الوضعيات حسب كل حزب على حدة، مضيفا بأن هذا التراجع يعود خاصة إلى المشاكل التنظيمية والسياسية التي مرت منها الأحزاب اليسارية المغربية.

ويشرح المحلل بأنه فيما يخص المشاكل التنظيمية، أضحت الأحزاب اليسارية، وخصوصا حزب الاتحاد الاشتراكي، تعيش منذ 6 سنوات على إيقاع الانشقاقات الداخلية، وهو ما أثر على الصورة التي يسوقها لنفسه في الساحة السياسية، بعد أن كان يقدم نفسه بصورة جيدة”.

واستطرد البوز بأن “هذه الصورة تغيرت ووقع نوع من الانهيار القيمي، وكذا تأثير الشكوك حول استقلالية القرار السياسي في حزب الاتحاد الاشتراكي، والتحالفات غير الطبيعية التي قام بها”، ضاربا المثال على ذلك بتحالف حزب “الوردة” مع حزب الأصالة والمعاصرة.

وفيما يخص حزب التقدم والاشتراكية، أكد البوز أنه يستفيد من وضعه في الحكومة الحالية، مضيفا بأن عددا من المرشحين الذين قدمهم للانتخابات ليسوا مناضلين في الحزب”، مضيفا بأن النتيجة التي حققها لا تعكس قوته التنظيمية، بل إن عددا من الملتحقين به جاؤوا إليه بسبب موقعه في الحكومة، كما أنه قدم مرشحين أوقفتهم الداخلية، كـ”ترجمة لانفتاحه الكبير بدون احترازات”.

دخول فدرالية اليسار لمعترك العملية الانتخابية بعد أن قررت مقاطعتها قبل أربع سنوات، شكل تحولا محوريا في موقفها من العملية الانتخابية، بعد أن كانت تعتبرها غير “مجدية” في أول انتخابات تشريعية، بعد الاستفتاء على دستور 2011، حيث تحالف كل من حزب الاشتراكي الموحد، والطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، في لوائح موحدة، عكس انتخابات 2009.

وبالرغم من تراجع الفدرالية في حصد بعض المقاعد خلال هذه الانتخابات، إلا أن أحمد البوز يرى أن عدم مشاركتها في استحقاقات 2011 التشريعية، كان لها دور في هذا التراجع، لكن مع “تقديم صورة جدية داخل المجتمع، ووضعه البعض في نفس مرتبة العدالة والتنمية”.

“وفي المقابل، لم تستطع الفدرالية ترجمة هذه القوة من خلال الانتخابات، ولم تنعكس على وضعها في المشهد السياسي المغربي “انتخابيا”، بسبب عدم انفتاحه، وكذا الاحتراز الكبير الذي اتخذته في منح الترشيحات، واعتمادها لمبدأ تقديم مرشحين يجب أن يكونوا مناضلين، حتى إن كانت حظوظهم ضئيلة في نيل المقاعد” يورد البوز.

وحول تقييمه للنتائج التي حصدتها الفدرالية، أوضح الباحث في الشأن السياسي، أن حصولها على بعض المقاعد خاصة في بعض المدن الكبرى، كما حصل في الرباط، يبقى له رمزية ومكانة الحزب في المجتمع، ومن الممكن أن “تعول عليها في المستقبل شريطة ترجمتها سياسيا”.

وتابع المحلل ذاته بأنه “لابد من القراءة المتأنية للنتائج والتسلح بنكران الذات والإرادة القوية، من أجل أن تتطور هذه الأحزاب، وأن تكون لها مكانة متقدمة في المشهد السياسي المغربي”، مضيفا بأنه “لابد من إبداع أفكار جديدة، وأن تقوم الأحزاب بمراجعات، وتحدث رجة قوية”.

وتنبأ المحلل السياسي بأن الانتخابات التشريعية القادمة خلال 2016، لن تختلف كثيرا عن انتخابات هذه السنة، معللا ذلك بأنه في ظرف سنة لا يمكن أن يحدث تغيير كبير، أو أن تحل الأحزاب اليسارية في الصدارة، لأن “ذلك يبقى بعيدا، وأن ما يمكن أن يحصل هو حضور أفضل من ذلك الذي كان خلال الانتخابات الجماعية والجهوية”.

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى