قف الشعب الفلسطيني مذهولا من تصرفات زعمائه خاصة بسبب هذا التلكؤ في انهاء الانقسام المأساوي، وكأن هذا الانقسام شيء ثانوي يمكن ان يؤجل الى ما لا نهاية!!
الإعلام تحدث عن أن رئيس الوزراء، د.رامي الحمدالله، ذاهب الى غزة، وبعد يوم أو يومين نراه جالسا في مكتبه برام الله بدون انهاء أي موضوع جوهري بالنسبة للشعب في القطاع. طبعا نحن لا نقصد أن د. الحمد الله يئس أو هبطت همته لإنهاء هذا الانقسام ولكن نريد ان يكون التحرك بين حماس وفتح بطريقة تبعث الأمل لدى أهلنا في غزة بأن الفصيلين ، “فتح “و”حماس” جادان في إعادة اللحمة الوطنية ردا على قرار ترامب بجعل مدينتنا المقدسة ملك المستعمرين الجدد.
إن سيد البيت الأبيض يتصرف مثله مثل لصوص الكاوبوي الذين كانوا ينشرون الرعب والفساد في الجنوب الأمريكي ويعتبرون بأن القوة هي القانون الأساسي في أمريكا.
الشعب الفلسطيني صبر على الانقسام أحد عشر عاما، وهو الذي أدى الى الفصل بين شطري الوطن مع ما انطوى عليه ذلك من تجاهل الأسس والقوانين التي وضعها زعماؤنا بأن الضفة الغربية والأغوار وقطاع غزة قطعة تراب واحدة لا يمكن لأحد أن يعمل على تقسيمها وتقطيع أوصالها.
الشعب الفلسطيني بجميع أطيافه الدينية والسياسية تنفس الصعداء عندما أعلنت «حماس» انها تقبل بشروط السلطة الشرعية، كما ان السيد يحيى السنوار، رئيس حركة حماس في قطاع غزة، أعلن بأن لا رجعة عن قرار حماس بإنهاء الانقسام. ولكن مع الأسف لغاية يومنا هذا لم يتقدم أي من الفصيلين نحو البدء الحقيقي في جعل أهلنا بغزة يشعرون بأن السلطة الشرعية ستنفذ فورا أربعة أمور كي تخفف معاناة أهلنا هناك وهي: اولاً: تأمين الكهرباء. وثانيا: تزويد المستشفيات بجميع الأدوية اللازمة للمرضى داخل المستشفيات وغيرها. وثالثا: المياه الصالحة للشرب. ورابعا: فتح معبر رفح طوال اربع وعشرين ساعة.
صحيح القول بأن هذه الأمور كان يجب ان تقوم حماس بتلبيتها بحكم سيطرتها على القطاع، وهي فعلا مقصرة في تلبية ذلك، ولكن على السلطة أن ترفع بعض الظلم الذي أصاب أهلنا في غزة لأن أهل غزة يستحقون مساعدة السلطة الشرعية لأنهم بالنهاية فلسطينيون صبروا كثيرا على الظلم وضحوا من أجل فلسطين وحان الوقت لمساعدتهم الان وليس بعد توصل اللجان لاتفاقات، والتي ربما تأخذ وقتا طويلا.
وبعيداً عن الاجتماعات التي تعقد بين الفصيلين في القاهرة، يجب على جميع الفصائل الاجتماع فورا وبدون أي تأخير للرد على قرار ترامب ولاحتضان وتبني الهبة الشعبية السلمية القائمة الآن في الضفة والقطاع، وأن تقف وتدعم هذه الهبة ضد الظلم الأمريكي الصهيوني، لأن هذه الهبة يجب أن تستمر وتعم جميع أرجاء الوطن.
ان الرد الحقيقي والواقعي على قرار ترامب الأخير هو الرد العملي من جميع الفصائل التي تريد الحرية والاستقلال. فلا جامعة عربية ولا المؤتمر الإسلامي. ولا حتى الدول النافذة مثل فرنسا او بريطانيا يستطيعون ان يفعلوا شيئا اذا لم نقم نحن الفلسطينيون بثورة شعبية سليمة، خصوصاً أن الشعب بجميع أطيافه برهن على أنه مستعد للتضحية من أجل القدس والاستقلال، وليكن الدرس الذي تعلمناه من الانتفاضة الأولى حافزاً لنا بدعم هذه الانتفاضة.
العالم أجمع رفض خطة ترامب ومجلس الأمن بجميع أعضائه رفض خطة ترامب، وكذلك الغالبية الساحقة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لذلك هذه فرصة تاريخية قوية كي نعزز حشد العالم الى جانبنا، ونرجو من السلطة الشرعية وكل الفصائل أن تقدم الدعم السخي لهذه الهبة.
إن الفصيلين الرئيسيين، فتح وحماس، يجب أن يلتقيا ويدعما هذه الهبة، كي يبقى العالم مؤيداً بقوة لقضيتنا العادلة، لأن الخوف كل الخوف، أن تعيد هذه الدول التي قالت كلمتها، التفكير بما قررته وتنقل سفارتها الى القدس إذا ما تراجع الحراك الشعبي بما فيها بريطانيا أو فرنسا، واذا وجدت بأن الانقسام ما زال موجوداً وكل فصيل له رأي مصمم عليه.
والعيب كل العيب بأن نبقى نراوح مكاننا في هذه الاجتماعات العبثية، والتي ستنهي قضيتنا مثلما حصل في الماضي.
الآن بدأت هبة شعبية سلمية فلا تخمدوها، بل بالعكس احتضنوها وأسندوها وعلى القيادة في جميع الفصائل ان تفهم بأننا إذا لم ندعم هذه الهبة لتصبح ثورة سلمية لا أحد سيساعدنا. وكفى كلاماً وخطابات عنترية تعيدنا الى العهود البائسة، ومن ثم نلوم بعضنا البعض. الشعب جاهز لنصرة القدس ونصرة قضيتنا ومعه شعوب الأمتين العربية والاسلامية وأحرار العالم، ويبدو أن قياداتنا لا زالت تراوح في مربع الشجب والاستنكار.
عندما قامت الانتفاضة الاولى واستشهد من استشهد شعر المحتل بأننا شعب لا نخاف الموت لأجل قضيتنا المقدسة فلسطين واليوم فإن حالنا يشبه عشية الانتفاضة الأولى ولكن الفرق بأننا كنا في الانتفاضة الاولى نقاتل بقلب فلسطيني واحد وليس بقلوب حمساوية أو فتحاوية أو فصائلية. هذا عدا عن أننا اليوم بانتظار الكهرباء أو الماء وهذه قمة العيب.
رئيس الوزراء السيد د. رامي الحمد الله عليه مسؤولية إنجاز المصالحة وعليه أن لا يترك القطاع الا والأمور الطبيعية جاهزة كي يعلن للشعب بأن هبته السلمية الواحدة الموحدة لن تتوقف إلا بدحر الاحتلال.
ان الانتظار والتأجيل، وترك أمريكا بأفعالها الشيطانية هو قمة التخاذل، والتاريخ لم ولن يرحم أحداً من قيادات هذه الأمة.
والآن أتانا الفيتو الأمريكي وصلف مندوبة امريكا هيلي التي توعدت العالم الذي رفض خطة ترامب أن أمريكا لن تنسى هذه الدول، لذلك على السلطة الشرعية بأن لا تعول على مجلس الأمن ولا حتى على الأمم المتحدة لأنه ثبت بأن العالم يقوده بلطجي محترف، لا يعترف إلا بقوته العسكرية والمالية، ولص ينفذ ما يريده البلطجي الامريكي.
ومن هنا نعيد ونكرر ونطلب من زعماءنا بأن يعوا تماماً بأن لا أحد بهذا الكون يستطيع ان يمنحنا الحرية والاستقلال الا وحدتنا الوطنية وإرادة شعبنا كي يساعدنا العالم أيضاً على طرد الاحتلال من بلادنا.
وكفى شروطاً تعجيزية من أي فصيل لأن فلسطين والقدس الشريف تدعوان كل الشرفاء بأن يترفعوا عن المصالح الفئوية الضيقة لإنهاء هذا الانقسام ولتكون لنا سياسة موحدة مدعومة بإرادة شعبنا العظيم وثورته السلمية العارمة في جميع أنحاء فلسطين حتى انهاء هذا الاحتلال وحتى يقتنع البلطجي الامريكي بأن لا حل الا بتنفيذ القرارات الدولية، وحصول شعبنا على حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال وإقامة دولته ذات السيادة على ترابه الوطني المحتل منذ عام ٦٧ وعاصمتها القدس الشريف، وعودة لاجئيه بموجب قرارات الشرعية الدولية.