كانت العمامة رمزاً، وكان لصاحبها قيمة عالية ومكانة رفيعة في المجتمعات الإسلامية، فهذه «اللفة» التي توضع على الرأس إشارة للناس بأن صاحبها رجل علم متفقه في الدين، صادق ونزيه وصاحب أخلاق، يفسر ويوضح ويسهل على البسطاء من الناس أمور دينهم، كل واحد بحسب مذهبه ومرجعيته، والناس تأخذ منهم ثقة فيهم، وما كان أحد يجرؤ على التلفظ بكلمة مسيئة إلى رجل معمم، حتى جاء «الخميني» إلى سدة الحكم في إيران، ومعه جحافل من المعممين بعد أن فتحت أبواب الجحيم على شعب كان آمناً متطلعاً إلى الحضارة الحديثة وملتزماً بدينه ومعتقده.
واليوم، وبعد 38 عاماً من الأفعال المسيئة لأصحاب العمائم، بعد مغامرات «خلخالي» صاحب محاكم الإعدام في الشوارع، وبعد أن تخلى «خميني» عن فكر التقارب بين المذاهب، وإشعاله حرباً مع العراق تحت راية عنصرية حملت اسماً مزيفاً وهو «تصدير الثورة»، وثبت لاحقاً أنه يهدف إلى السيطرة القومية الزائلة منذ مئات السنين تحت لواء المذهبية، ولم يخجل هذا «الخميني»، وهو يسعى نحو كسر العراق والسيطرة عليه من وضع يده في يد «شياطين الأرض» الذين كان يلعنهم في خطبه الرنانة، فألصق الكذب بالعمامة.
ومن بعد «الخميني» جاء معممون آخرون إلى الواجهة، واجهة الحكم في إيران، وكذب كل واحد منهم بحسب مكانته وقيمته، وتوزعت العمائم على أشخاص يظهرون على شاشات التلفزيون، ولا يتورعون عن الكذب في فتاواهم، وفي تفسيراتهم للقرآن الكريم، وفي سرد روايات كاذبة على لسان سيد البشر، عليه صلوات الله وسلامه، وإسناد أقوال ننزه آل البيت عن قولها، وسقط الاحترام قبل أن تسقط العمائم، فالكذب أصبح زاد البسطاء من الناس ليتبعوا المضللين.
آخر معمم أطلق كذبة هذا الأسبوع هو رئيس إيران الحالي حسن روحاني، أراد أن يغطي على كذب نظامه المستهلك حول القدس وفيلق الإجرام الذي أنشئ لتحريرها، ولم يتحدث عن القدس، لكنه تحدث عن السعودية التي يريد أن يفتح صفحة جديدة معها واشترط «أن توقف حرب اليمن، وتقطع علاقات الصداقة مع إسرائيل»، وكلنا نعلم أن السعودية لا تقيم علاقات علنية أو سرية مع الكيان الغاصب لأرض فلسطين، ولكننا نعرف جيداً أن الخميني اشترى سلاحاً من إسرائيل في بدايات الثمانينيات ليحارب العراق.
وللحديث بقية.