الفلسطينيون أعلنوا أنهم يرفضون استقبال نائب الرئيس الأمريكي بنس في زيارته المقبلة للمنطقة، وأنه لن يكون هناك أي حديث مع الإدارة الأمريكية إلا بعد إلغاء قرار ترامب.
والإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر أعلن في بيان أنه رفض طلبا أمريكيا باستقبال بنس، وقال إن «الأزهر لا يمكن أن يجلس مع من يزيفون التاريخ ويسلبون حقوق الشعوب ويعتدون على مقدساتهم».
هذا الموقف يجب أن يكون هو موقف كل الدول العربية التي من المقرر أن يزورها بنس.
نعني أن كل هذه الدول يجب أن تعلن بدورها أنها ترفض استقباله، وأن تشترط إلغاء قرار ترامب.
هذا الموقف تحتمه ثلاثة أمور:
1- أن ما فعله الرئيس الأمريكي ليس بالأمر الهين الذي يمكن تجاوزه أو التهاون معه. ما فعله أمر شنيع يمثل إهانة ما بعدها إهانة لكل العرب والمسلمين، واستهانة ما بعدها استهانة بأي حق عربي. لقد اتخذ قراره وهو يعلم تماما ماذا تعنيه القدس بالنسبة إلى كل العرب والمسلمين.
2- أنه ليس لدى نائب الرئيس الأمريكي بنس ولا أي مسؤول أمريكي آخر، أي شيء يقدمه في لقاءاته. ليس لديهم إلا ترديد أكاذيب ومحاولات جديدة للخداع والتضليل سقطت كلها مع قرار ترامب.
3- أن مجرد قبول لقاء بنس ستكون نتائجه كارثية، ومعناه في غاية الخطورة.
ماذا لدى بنس ليقوله؟ وما الذي يعتزم أن يردده في زياراته المرتقبة لدول المنطقة؟
كل هذا أصبح معروفا تماما، وردده الأمريكيون بالفعل في الأيام الماضية.
سيقول إن القرار لا يعني أن مصير القدس وحدودها قد حسم، وإن الأمر متروك للمفاوضات.
بالنسبة إلينا، القضية ليست قيمة القرار من الناحية العملية، فهو لا شرعية ولا قيمة له. الذي يهمنا هو ما كشف عنه القرار من صهيونية الإدارة الأمريكية، ومن احتقار للعرب والمسلمين وللحقوق العربية.
وسيقول نائب الرئيس الأمريكي إن الإدارة الأمريكية ملتزمة بعملية التسوية وبالتوصل إلى حل للصراع.
وهذا كذب.
المحللون الأمريكيون هم الذين نبهوا إلى هذا الجانب. قالوا إنه لو كان ترامب يريد حقا تسوية للصراع وحلا مقبولا له، لكان على الأقل قد استخدم قراره هذا أداة للضغط على الكيان الإسرائيلي وإجباره على خطوات معينة تسهل عملية السلام. من هؤلاء الكاتب الأمريكي المعروف توماس فريدمان الذي وصف ترامب بالحمق لأنه قدم هذه الهدية الكبرى لإسرائيل مجانا من دون أي مقابل على الإطلاق.
حقيقة الأمر أن ترامب لا يريد سلاما. بمعنى أدق هو يريد تسوية صهيونية للصراع تحقق للإسرائيليين كل ما يريدون ولا تقدم إلى الشعب الفلسطيني شيئا.
ثم، من الذي أصبح مستعدا للثقة في إدارة ترامب أو بأي دور تلعبه في المفاوضات بعد قراره الصهيوني هذا؟
إذن، ليس لدى نائب الرئيس الأمريكي أي شيء يستحق مناقشته.
قد يقول البعض، ومع كل هذا، ما المانع من استقباله والاستماع إليه.. ما الذي سنخسره؟
الجواب: سنخسر الكثير.
أولا: مجرد استقباله والحديث معه حول القضية، يعني أن هناك ما يستحق الأخذ والرد بعد القرار. بعبارة أدق، سيعني نوعا من القبول، أو على الأقل التفهم وعدم الرفض الحاسم لقرار ترامب.
بطبيعة الحال، لو استقبلت أي دولة عربية ترامب وناقشت معها القضية، ستخرج بيانات رسمية تتحدث عن العلاقات مع أمريكا وعن أهمية عملية السلام.. إلى آخره.
بعبارة احرى، سيكون استقبال نائب الرئيس الأمريكي بمثابة شكل من أشكال تبييض الوجه الصهيوني لإدارة ترامب الذي كان القرار تجسيدا ناصعا له.
هذا الأمر في حد ذاته سيكون تشجيعا لإدارة ترامب على المضي قدما في إهانتها للعرب والمسلمين والاستهانة بأي حق لنا.
ثم إن العالم كله قد وقف بجانبنا في هذه القضية، وانتصر للقدس، وأدان قرار ترامب بلا تردد ولا تحفظ. ماذا يمكن أن يقول العالم الذي نصرنا عنا إذا نحن أظهرنا تهاونا وتفريطا في القدس واستعدادا للأخذ والرد؟
لكل هذا، نقول لحكومات الدول العربية التي من المفترض أن يزورها بنس:
رجاء.. انصروا القدس.. ارفضوا استقبال بنس.
رجاء.. أظهروا لإدارة ترامب أننا لا نفرط في القدس ولا في حقوقنا.
أظهروا لها أننا لا نقبل الإهانة لنا ولا الاستهانة بحقوقنا، واشترطوا إلغاء هذا القرار أولا.
هل هذا كثير؟