يكاد المرء يجزم بأن إقدام المليشيات الحوثية العميلة لإيران على اغتيال الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح ، كان تنفيذا لقرار اتخذه النظام الإيراني.
مليشيات الحوثي لا يمكن أن تقدم على تنفيذ جريمة مثل هذه من دون أوامر إيرانية وتنسيق كامل مع الإيرانيين.
الموقف الأخير الذي اتخذه صالح قبل أيام كان ضربة موجعة للنظام الإيراني ومشروعه في اليمن، قبل أن يكون ضربة للحوثيين.
إعلان صالح إنهاء تحالفه مع الحوثيين والانضمام بقواته إلى معركة تحرير اليمن من هذه المليشيات ومن إيران، كان تحولا هائلا في مسار الصراع، وكان من شأنه بالفعل أن يمثل خطوة حاسمة كبرى على طريق القضاء على الحوثيين وعلى المشروع الإيراني.
النظام الإيراني لم يكن ليتسامح مع هذا التطور الخطير أبدا، أو يدعه يمر هكذا.
بالطبع، تقوم الحسابات الإيرانية على أن اغتيال علي عبدالله صالح وغيابه عن الساحة اليمنية، سوف يقلب الأوراق، وسوف يضعف من قواته وأنصاره، وسوف يعزز موقع المليشيات الحوثية ويعطيها دفعا جديدا.
كما أن الاغتيال رسالة موجهة إلى دول التحالف العربي التي تحارب في اليمن. رسالة مؤداها أن إيران وعملاءها قادرون على إفشال رهاناتها، وعلى إحباط خططها الهادفة إلى إلحاق الهزيمة بالحوثيين والمشروع الإيراني.
واغتيال علي عبدالله صالح له معنى أبعد بكثير مما جرى في اليمن وتطورات الوضع هناك. الاغتيال يجسد حقيقة أن المعركة العربية مع النظام الإيراني والقوى العميلة له على امتداد الساحة العربية هي معركة ضارية شرسة، وحسمها ليس بالأمر السهل.
القضية هنا، كما سبق أن كتبنا أكثر من مرة، أن النظام الإيراني يعتبر أن المعركة التي يخوضها على الساحة العربية هي بالنسبة إليه معركة حياة أو موت. النظام يعتبر أن الحفاظ على ما حققه من نفوذ ومن وجود في الدول العربية مسألة مصيرية، وأن التخلي عن هذا الوجود والنفوذ في أي ظرف سوف يهدد بقاء النظام ذاته.
لهذا، سيقاتل النظام الإيراني حتى الرمق الأخير، وسيستخدم كل ما بحوزته من قوة ومن إرهاب هو وعملاؤه، من أجل أن يبقى وجوده ونفوذه في العراق وسوريا واليمن.
وفي سبيل ذلك، فإن النظام الإيراني وعملاءه لن يترددوا في فعل أي شيء، وفي ارتكاب أي جريمة أيا كانت، مثل جريمة اغتيال علي عبدالله صالح، أو أي عمل إرهابي مهما كانت شناعته.
الذي نريد أن نقوله إن جريمة اغتيال صالح، يجب أن تكون تنبيها للدول العربية لأمرين حاسمين:
الأول: إدراك أن القوى العميلة لإيران في الدول العربية يمكن أن تذهب في عمالتها إلى أبعد مدى يمكن تصوره.. هي مستعدة لتنفيذ أي أوامر أو أجندات إرهابية إيرانية مهما كانت.
ولهذا، فإن مواجهة هذه القوى بحسم وقوة هي خطوة أساسية في مواجهة المشروع الإيراني.
والثاني: أن الدول العربية إذا كانت تريد إنهاء الوجود الطائفي الإرهابي الإيراني في المنطقة العربية، والتصدي لمشروعها الطائفي التوسعي، فيجب أن تدرك أنها معركة شرسة يجب أن تستعد لها وتحشد لها كل ما تملكه من قوة على كل المستويات وليس فقط بالمواقف الإنشائية بالإدانة والاستنكار.
أما بالنسبة إلى اليمن، فالأمر ببساطة أن اغتيال علي عبدالله صالح من المفروض أن يدفع دول التحالف إلى التعجيل بحسم هذه المعركة، وإلحاق الهزيمة بهذه المليشيات الحوثية العميلة لإيران، مهما تطلب ذلك من قوة.