يقول الرئيس الإيراني، حسن روحاني ، في خطاب له، امس الأحد، ان «البعض يعتقد أن منطقتنا هي منطقة حرب، ونزاع بين الشيعة والسنة ومنطقة تدخل القوى الأجنبية، لكننا ابتعدنا عن كل ذلك، داعيا الى حوار اقليمي، لتسوية كل ملفات المنطقة، دون تدخل من احد».
كلام الرئيس الايراني، مثير سياسيا؛ لان هذه المنطقة اساسا لم تشهد نزاعا سنيا شيعيا، الا بعد تأسيس الدولة الايرانية الحديثة، بعد وصول الخميني الى الحكم، وبدء تصدير الثورة الايرانية الى دول عديدة، وما نراه في العراق وسوريا ولبنان واليمن، من تحويل للهوية العامة، في هذه الدول، الى هوية سياسية- مذهبية تابعة لايران، ولولا ذلك لما دخلت هذه الدول في صراعات وحروب، ومشاكل كثيرة، ادى بعضها الى بروز التطرف باعتباره « وكيل السنة» في الدفاع عنهم، في وجه المذهبية السياسية.
كما ان دعوة الرئيس الايراني لحوار من اجل تسوية الملفات الاقليمية، لا يعني ابدا استعداد ايران لمصالحة المنطقة، والوصول الى تسويات سياسية، قائمة على مبدأ وقف التمدد في المنطقة، او مذهبة المنطقة بشكل جديد.
هل يمكن للرئيس ذاته، ان يقدم الدليل على انسحاب ايران من اربع دول عربية، وترك هذه الدول لشعوبها، دون تدخل مالي او عسكري او سياسي او مذهبي؟!.
على الارجح ان كلام الرئيس الايراني يتجنب الاقرار بالمشاكل، او حتى بالجزء الذي يخص ايران في هذه المشاكل، ولا يعقل ان يشخص الرئيس الايراني، ازمات هذه المنطقة، بطريقة المظلومية ذاتها، باعتبار ان كل الاطراف الاخرى، قد تورطت في اخطاء فيما ايران هي المستهدفة، ولم تخطئ ابدا.
لا يمكن للحروب والنزاعات القائمة، ان تتوقف الا على اساس حوار اقليمي، وبالمناسبة هذا الحوار دعت اليه اغلب الدول العربية سابقا، لكن ايران تجنبته، لانها لا تريد ان تدفع اي ثمن في المنطقة، ولربما الحوار الذي يقصده الرئيس، يعني الحوار على اساس تقسيم المنطقة، ومناطق نفوذها، وغير ذلك من ثروات ومصالح، بين الايرانيين وبقية الاطراف، ولا يعني الحوار هنا، ابدا، تشخيص الازمات، والبدء بانسحاب ايران من دول عديدة، لاثبات حسن النوايا.
لم يعد ممكنا ادارة ازمات المنطقة بهذه الطريقة، فالمشروع الايراني يهدد المنطقة، مثلما ان التطرف يتسبب بنزف كبير جدا، على كل المستويات، ومع كل هذا ما يفعله المشروع الاسرائيلي، من تهديد لكل جوار فلسطين المحتلة، واطماع اطراف اقليمية اخرى، واذا اردنا القراءة المعمقة، فإن كل هذه العوامل، على الرغم من انها قد تبدو مناقضة لبعضها البعض، الا انها تصب نحو نهاية واحدة، اي تدمير المنطقة، وتخريبها وارهاقها، وجعلها تحت مطارق الصراع والازمات، ليل نهار.
نريد من الرئيس الايراني، كلاما تفصيليا، وليس مجرد دعوات سياسية عامة، اذ هل لدى الرئاسة الايرانية اي مشروع محدد، للحوار في المنطقة، وعلى اي اساس، من حيث العناوين، ومن حيث تشخيص الازمات، والمتسبب فيها، وبالتالي الحلول، ودون ذلك يكون الحديث عن حوار، وتسوية لازمات المنطقة، مجرد كلام سياسي، للاستهلاك اليومي، دون اي مضمون حقيقي.
نقلا عن صحيفة الدستور الأردنية