تعيش دولة الإمارات هذه الأيام مناسبة غالية… نحتفل خلالها بيوم انطلقت فيه مسيرة شعب اختار أن تكون الوحدة عنوان قصته مع المستقبل، بعد أن رأى في الوحدة القوة التي تعينه على الوصول إلى غاياته ليصنع لنفسه مكانة فريدة بين الشعوب.
نحتفل وجميع أهل الإمارات بـ اليوم الوطني السادس والأربعين لدولتنا التي حققت في أقل من خمسين عاماً، وهي فترة قصيرة إذا ما قيست بعمر الشعوب، إنجازات جعلت العالم ينظر إليها كرمز لتحدي الزمن… ونموذج يحتذى في استشراف المستقبل بل المشاركة في رسم ملامحه. هذا اليوم الذي سيظل محفوراً في الذاكرة ومحفوظاً في القلوب يذكّرنا بما قدمه الآباء المؤسسون من عطاء لخدمة الوطن ولإسعاد المواطن… وما بذلوه من تضحيات وما مروا به من تحديات لكي تصل دولتنا إلى ما هي عليه اليوم من رفعة وازدهار.
ومهما حاولنا أن نعبّر في هذه المناسبة عن تقديرنا وإعزازنا للمغفور لهما بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراهما، فلن توفيهما الكلمات حقهما ولن تعيننا على التعبير عما في خواطرنا وما نحمله في قلوبنا من مشاعر الإجلال والتقدير للرمزين الكبيرين الذين وضعا أساس صرح الاتحاد ورسما الملامح العريضة لمسيرة الإمارات، ليقوما مع أصحاب السمو الحكام المؤسسين بتنفيذ تلك الرؤية نحو غد أفضل لمجتمع جعلوا فيه التسامح والتفاهم والمودة والوئام القيم الأساسية للحياة على هذه الأرض التي ستظل دائماً عنوانا للسلام والتعايش والعمل من أجل سعادة الإنسان.
واليوم، وبعد مرور 46 عاماً على تأسيس دولة الاتحاد، أريد أن أتوقف معكم قليلاً عند دور الشباب وما يحمله من مسؤولية تجاه وطنه الأصغر المتمثل في مجتمعه، ومن بعده وطنه الأكبر دولة الإمارات، والتي تعني كلمة الشباب لديها الكثير… فهذه الكلمة في قاموس الإمارات تعني الأمل والتفاؤل والطاقة الإيجابية والفكر المبدع والانفتاح على العالم والقدرة على التطوير نحو الأفضل … والقائمة طويلة.
والشباب، كما كانوا في أيام زايد، يلقون اليوم كل العناية والتشجيع دون تفرقة بين شاب وشابة… فكما أراد القائد المؤسس، أصبحت دولة الإمارات اليوم بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، توفر أفضل أشكال التعليم من خلال مؤسساتها العلمية الوطنية وغيرها من الجامعات العالمية التي استقطبتها دولتنا.. وهيّأت للشباب فرص العمل مع الاهتمام بدعم برامج التوطين وتوسيع مجالات مشاركة أبناء الإمارات في سوق العمل أمام الشباب من الجنسين.
ولا تخلوا مناسبة إلا لمسنا فيها مدى الحفاوة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بالشباب وحرصه أن يكونوا دائماً أصحاب أدوار مؤثرة في عملية البناء والتطوير ، وكذلك الاهتمام الكبير والتحفيز المستمر من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لإيمان سموهما أن مكتسباتنا الوطنية تحققت بفضل إبداعات وجهود الشباب على تنوّع مواقعهم ومسؤولياتهم دون إغفال لأدوار أصحاب الخبرات الطويلة التي تتضافر مع فكر الشباب بكل ما يحمل من طاقات وتصورات للمستقبل لإضافة فصول جديدة في سجل مجد الإمارات.
لاشك أن مسؤولية الشباب كبيرة والمأمول منهم أكبر … بما يحتاجه ذلك من جد وعمل واجتهاد… لاسيما وأن دولة الإمارات مقبلة على مرحلة مهمة من المشاريع والمبادرات التي حدود طموحها الفضاء … نريد لشبابنا أن يكونوا مواكبين للعصر بإيجابية باهتمامهم بالمجالات العلمية والعملية الأكثر تطوراً، وأن يكونوا مُلِمين بالمتغيرات المتسارعة من حولهم ومدركين لأبعادها، وقادرين على فهم مضمونها والتفاعل معها بالأسلوب الصحيح الذي يضمن الحفاظ على مكانة دولتنا في مقدمة الصفوف، وينتقل بها إلى مزيد من الرقي على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية وغيرها من المجالات.
أذكر أن الشيخ زايد، تغمّده الله بواسع رحمته، قال: «إننا ننتظر من الشباب ما لم ننتظره من الآخرين ونأمل من هذا الشباب أن يقدم إنجازات كبرى وخدمات عظيمة تجعل هذا الوطن دولة حديثة وبلداً عصرياً يسير في ركب العالم المعاصر»، واليوم … مسؤولية الشباب أن يكونوا على قدر الآمال التي عقدها عليهم الوالد المؤسس الذي رأى فيهم القدرة على تحقيقها والوفاء بمتطلباتها.
نَعَم… البركة في شباب الوطن، الذي يحلّ دائما في صدارة اهتمامات قيادتنا الرشيدة، والذي يُشكِّل محور كل الاستراتيجيات والخطط التنموية التي تنفذها وتتطلع إليها دولتنا للمستقبل، لتواصل بسواعد أبنائها الأوفياء مسيرة البناء والتطوير التي بدأها المؤسسون لتظل إماراتنا دائما منارة للأمل والتفاؤل ولتبقى أبداً صانعة للسعادة بمبادرات ومشاريع وأفكار تعود بالنفع والخير على الإنسان أينما كان.