قبل أيام قرأت تصريحات صدرت عن وزير خارجية قطر، ووزير خارجية لبنان في يوم واحد تقريبا. تصريحات الوزير القطري جاءت في حديث لمحطة سي ان ان الأمريكية، وتصريحات الوزير اللبناني جاءت في رسالة بعث بها إلى أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية.
الأمر العجيب الذي لفت نظري أن الوزيرين في تصريحاتهما يقولان نفس الكلام تقريبا، ويرددان نفس المقولات والحجج.
تحديدا، لا تخرج تصريحات الوزيرين عن ترديد ثلاث كلمات تلخص ما يريدان قوله دفاعا عن سياسات بلديهما، هي: السيادة، والاستقلال، والاستقرار.
لنتابع ماذا قالا.
وزير خارجية قطر عزف المعزوفة الأثيرة، معزوفة «سيادة قطر» وكيف أن الإجراءات التي اتخذتها الدول الأربع والمطالب التي طرحتها تمثل انتهاكا للسيادة.
نعلم بالطبع، أنه يرتبط بمعزوفة السيادة هذه معزوفة أخرى هي «الاستقلال» والزعم بأن السبب الحقيقي للمقاطعة هو أن قطر تتبع سياسة مستقلة، وتدافع عن الحريات والشعوب في المنطقة العربية.
في حديثه هذه المرة، ذهب وزير خارجية قطر بعيدا، وشن هجوما على السعودية بالذات ومعها دول المقاطعة الأخرى، واعتبر أنها لا تمس بسيادة قطر فقط، وإنما بسيادة دول عربية أخرى.
واعتبر أن السعودية بقيادتها لإجراءات مقاطعة قطر «تلعب لعبة خطرة تهدد استقرار المنطقة».
وزير خارجية لبنان من جانبه في رسالته إلى الأمين العام للجامعة العربية ردد نفس الكلام بالنص تقريبا.
دعا إلى «احترام سيادة لبنان وعدم التدخل في شئونه الداخلية».
وتحدث أيضا عن أن لبنان يتبع «سياسة خارجية مستقلة».
وأيضا، حذر بدوره من أن المس باستقلال لبنان وسيادته سيؤثر على استقرار كل دول المنطقة. ودعا إلى التفرقة بين المقاومة والإرهاب، وحذر من إضعاف قدرة لبنان على مقاومة إسرائيل.
بالطبع، وزير الخارجية اللبناني بعث هذه الرسالة تعليقا على القرار الأخير الذي صدر عن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، وإدانته لحزب الله وممارساته الإرهابية خدمة لإيران.
كما نرى، يردد وزيرا خارجية قطر ولبنان معا نفس الشعارات، السيادة، والاستقلال، والاستقرار. يفعلان هذا في معرض الدفاع عن سياسات ومواقف هي في حد ذاتها أكبر تهديد للسيادة والاستقلال والاستقرار في المنطقة.
وزير خارجية قطر يتجاهل تماما أن الذي فجر الأزمة الحالية ودعا إلى فرض المقاطعة، هو بالذات أن قطر انتهكت سيادة واستقلال عديد من الدول العربية بدعمها للإرهاب، بل وبتآمرها مباشرة لإسقاط نظم الحكم في عديد من الدول العربية.
ويتجاهل أن إنهاء هذا الدور التخريبي القطري ووضع حد لهذه السياسات هو في حد ذاته من أكبر المطالب لتحقيق الأمن والاستقرار.
وبالمثل، يتجاهل وزير خارجية لبنان الدور الإرهابي الذي لعبه حزب الله في عديد من الدول العربية، لحساب إيران وخدمة مشروعها الطائفي التوسعي، وما مثله ذلك من تهديد خطير لأمن واستقرار هذه الدول.
كما يتجاهل أن تبعية حزب الله لإيران وهيمنته على الحياة السياسية اللبنانية لحساب إيران، هو في حد ذاته أكبر انتهاك للسيادة والاستقلال.
كما يتجاهل أنه حين يأتي الحديث عن دور حزب الله الإرهابي، لا محل ولا معنى على الإطلاق هنا للحديث عن المقاومة.
الوزيران يظنان أن التعلق بأوهام السيادة والاستقلال والاستقرار، وترديد هذه الشعارات من الممكن أن يبرر سياسات وممارسات تمثل أكبر تهديد للدول العربية، ومن الممكن أن يعفي البلدين من تحمل المسئولية.
هذا لا يمكن أن ينطلي على أحد أو يقنع أحدا.
من الأفضل إدراك أن السبيل الوحيد هو تغيير السياسات والممارسات التي تهدد الدول العربية، بدلا من التعلق بمثل هذه الأوهام.
نقلا عن صحيفة الخليج البحرينية