تعد جريمة قتل المصلين في مسجد الروضة في سيناء المصرية بالعريش والتي راح ضحيتها أكثر من ثلاثمائة وخمسة شهيداً ومئات الجرحى هي الأفظع في تاريخ مصر ، والغريب في الأمر إن هذه العملية الإرهابية إستهدفت أهل السنة والجماعة وليس الروافض أو الشيعة ولا المجوس ولا المسيحيين ولا اليهود ولا غيرهم من أصحاب الديانات والمذاهب الأخرى، ونحن هنا لا ننفي إستهداف هذه المذاهب فهم مستهدفون دائماً، لكن لماذا تم إستهداف أهل السنة والجماعة من قبل تنظيم داعش وهو يرفع شعار الدفاع عن السنة وأهل السنة والجماعة فلماذا وجه هذه المرة في مصر فوهات بنادقه وعبواته على من يدعي إن مدافعاً عنهم ؟..
إن الجواب يكمن في ما هو آتٍ على الرغم من إنه فيه بعض المرارة لبعض القراء لكن هذا هو واقع الحال الذي لا يمكن إنكاره، الجميع يعلم إن تنظيم داعش له مرجعية دينية يرجع لها في أخذ الفتوى التي تشرعن له كل جرائمه وإرهابه، هذه المرجعية الدينية تأخذ رأيها وفتواه من كتب ومؤلفات ابن تيمية الذي أوجد أكثر من 450 فتوى قتل بحق المسلمين دون غيرهم هذا في ما يخص الفتاوى الصريحة والواضحة أما في ما يخص الآراء التي فيها تكفير لكل الفرق والمذهب الإسلامية والتي تكلم فيها عن قضية التجسيم والتشبيه والتعطيل والصفات والمثبتة والمعطلة وكفر كل الفرق الإسلامية التي تخالفه الرأي ودليل ذلك قوله في كتاب « مجموع الفتاوى » الجزء السادس في الصفحة 359 والتي كفر فيها كل المخالفين له بالرأي، حيث قال ((من رزقه الله معرفة ما جاءت به الرسل وبصرًا نافذًا وعرف حقيقة مأخذ هؤلاء، عَلِم قطعًا أنهم يلحدون في أسمائه وآياتِه، وأنّهم كذّبوا بالرسل وبالكتاب وبما أرسل به رسلَه، ولهذا كانوا يقولون:إنّ البدع مشتقة من الكفر وآيلة إليه …ويقولون: إن المعتزِلة مخانيثُ الفلاسفة، والأشعرية مخانيثُ المعتزلة …وكان يحيى بن عمار يقول: المعتزلة الجهمية الذكور والأشعرية الجهمية الإناث ومرادهم الأشعرية الذين ينفون الصفات الخبرية….لكن مجرد الانتساب إلى الأشعري بِدعة ))…
وهنا نجد ابن تيمية وكما يقول المحقق الصرخي في المحاضرة الثالثة من بحث « وقفات مع توحيد ابن تيمية الجسمي الأسطوري » {{… يوجد تكفير أوضح من هذا؟ يوجد اتهام بالخروج من الدين أوضح من هذا؟ يقول علم قطعا انهم يلحدون، هؤلاء ملاحدة، وأنّهم كذّبوا بالرسل، يكذب بالله ويكذب بالرسول ما هو حكمه؟ ويكذب بالكتاب بل بكل الكتب وبكل الرسل، حتى أن الحكم ينزل عليه أكثر من اليهودي والنصراني والمجوسي والصابئي، لأنه يكذب بكل الرسل وبكل الكتب …… لاحظ، بعد أن أتى بالكلام فرع وقال: ولهذا كان يقولون: إنّ البدع مشتقة من الكفر وآيلة إليه، ويقولون: إن المعتزِلة مخانيثُ الفلاسفة، والأشعرية مخانيثُ المعتزلة، إذن من المقصود بالكلام؟ المقصود بالكلام المعتزلة والأشعرية، من هنا قلنا بدعة ذبح المعتزلة والأشعرية… إذن من هم الجهمية؟ -انتبهوا أيّها المسلمون- هم أهل السنة، أهل الجماعة، أهل القبلة، الكل مشمول بتكفير التيمية، استيقظوا، اصحوا من نومكم ومن سباتكم، واجهوا الفكر بالفكر …}}.
هذا فقط في مورد واحد في كتاب واحد فما بالكم ببقية الآراء في هذا الكتاب وباقي الكتب الأخرى وخصوصاً بيان تلبيس الجهمية فقد كفر كل الفرق والملل والنحل والمذاهب الإسلامية بما فيها أهل السنة والجماعة من المعتزلة والأشاعرة والصوفية وهي طبعاً فتوى تكفير غير واضحة لكنها عبارة عن آراء يبين فيها إن المخالف فيها مخالف للقرآن والسنة ومكذب لله ورسوله وبطبيعة الحال يكون المخالف للقرآن والسنة والمكذب على الله ورسوله يكون بحكم الكافر الذي يجب قتله واستباحة ماله ومقدساته ، هذا بالإضافة إلى آرائه التي تتحدث عن تكفير من يزور المشاهد والقبور الخاصة بالأنبياء والصالحين ، فهذه كلها فتاوى تشرعن لمن يتبع منهجه بقتل الآخرين حتى وإن كانوا مسلمين بل حتى وإن كانوا من أهل السنة والجماعة ، ولهذا نجد إن الدواعش لا يعرفون أهل سنة وجماعة أو مسلمين عندهم دماء الجميع مباحة لأنهم يأخذون فتوى وجوب قتل المسلمين من كتب وآراء ابن تيمية التي يروج لها شيوخ الفتنة عرابيّ الموت أصحاب المشاريع الدموية التقسيمية التي تدر عليهم أموالاً طائلة بحجة التبرع للمجاهدين وما إلى ذلك من حجج تصب في مصالحهم الشخصية ، فالجاني الذي إرتكب مجزرة العريش هو الفكر التكفيري الإرهابي المستمد من فتاوى ابن تيمية ولذلك نقول كل الحلول فاشلة، يُقطع قرن للإرهاب ويخرج قرن آخر، يخرجون لكم من بيوتكم ومن تحت بيوتكم، إذا لم تُستأصل غدة الإرهاب هذه فكريًا وعقائديًا ومن أساسها ومن أصولها وجذورها تستأصل، لا تتم أي معالجة عسكرية إذا لم تُدعم وتُقرن بالمعالجة الفكرية العقدية.