جيلنا الأول كان ذكياً، من استطاع في سنوات قليلة أن يشق الصحراء ويزرع مدناً حديثة، ومن وحد أرضاً في زمن التمزق والهزيمة والصراعات على الحدود، ومن منح الوطن قادة يؤثرون الناس على أنفسهم، ورموزاً وطنية جاهدت في مجالات التنمية والبناء، وحفر اسم الدولة الناشئة على خريطة العالم، هؤلاء أذكياء دون أن يكون لديهم «سمارت فون» أو خرائط «غوغل» أو توجيهات الأقمار الصناعية ومعلومات «ويكيبيديا».
-
محمد يوسف يكتب: إلى الهاوية يتجهون12:39 صباحًا - 20 نوفمبر, 2024
-
محمد يوسف يكتب: أشعلها ليتسلى12:32 صباحًا - 19 نوفمبر, 2024
كان التراث الفكري والثقافي والديني والتاريخي هو الذي يحركهم، ولأنهم كانوا مؤمنين بكل ذلك نجحوا، وهذا الذي نراه بين ظهرانينا اليوم هو اجتهادات تلتها جهود وعرق ووقت وصحة بذلت في شتى المجالات، عطاء غير محدود، وسباق مع الزمن لا يعرفه إلا من عايشه، فمن لم ير زايد وراشد ومكتوم، يرحمهم الله، لا يستطيع أن يحكم إلا إذا قرأ ذلك في المناهج الدراسية وروايات من رافقوا قادة المسيرة، ومن ير خليفة ومحمد بن راشد ومحمد بن زايد، حفظهم الله ورعاهم، قد يقترب من الصورة، فهؤلاء القادة شاركوا الجيل الأول وأخذوا عنهم، وأكملوا المسيرة بكل اقتدار.
وعندما يشجع قادتنا على العلم، وعلى الاستعانة بكل التقنيات الحديثة، في مجالات الحياة كافة، يستهدفون الإنسان، المواطن وكل مقيم على هذه الأرض، يريدون له خدمات ميسرة، في الشارع، وفي المكتب، وفي المترو، وفي الحافلة.
وفي الطائرة، وفي الحل والترحال، وفي الأمن والأمان، وفي دول الخليج الأخرى الوضع مشابه، ولكنني سأتحدث عن الذي أراه وأعرفه في بلادي، فنحن لم نقفز حتى نصل إلى هذه المكانة، بل مررنا بكل المراحل، والذي حصل هو أننا اختصرنا كل مرحلة، ولم تأسرنا أو تقيدنا إجراءات شكلية، لم نسمح لها أن تؤخرنا، ولم نعتد على الحجج الواهية التي تعيق تقدمنا، ولم ندع الكمال في يوم من الأيام، لكننا لم نترك علماً يسبقنا، خضنا حيث خاض الذين سبقونا علماً وابتكاراً وإنتاجاً، وشجعنا العالم والمتفوق والمبدع والمبتكر والمجتهد، فكان طريقنا موازياً لطرق الآخرين.
مخطئ ذلك الذي يظن أن التقنيات الذكية ستلغي البشر، فنحن بالبشر بنينا، وبالبشر توحدنا، وبالبشر أنجزنا، وبالبشر تفوقنا، وبالبشر سنحافظ على مكتسباتنا، فالإنسان هو القاعدة التي تبنى عليها المجتمعات، هو الأساس، وهو الهدف في فكر القيادة وكل الذين يحققون الأحلام لهذا الوطن، والآلة، سواء كانت ذكية أو عبقرية، ستبقى مجرد حديد وبلاستيك وموصلات ورقائق إلكترونية وبرامج، تتوقف إذا انقطع التيار الكهربائي، وتصبح هي والعدم متساويين!!