في مقابلته مع تلفزيون المستقبل وضع رئيس الحكومة اللبنانية، عدة شروط، من اجل العودة الى لبنان، وهي شروط غير قابلة للتنفيذ على الاغلب، مما قد يؤشر على ان عودته معلقة، حتى يثبت العكس.
الرئيس سعد الحريري ، كان قد تحدث مرارا، عن اخطار تتعلق بحياته، وعن وجود خروقات في حمايته، وعن وجود مساع لتكرار سيناريو مقتل والده رفيق الحريري، وبرغم انه اشار الى ان حياته غير مهمة، مقابل استقرار لبنان، الا انه اعاد التذكير بحادثة مقتل والده، وتأثيرها على العائلة، وانه لايرغب بتكرار السيناريو، فهو نهاية المطاف لديه عائلته، ويخشى عليها.
هذا الكلام، على خطورته، يشير الى نقطة مهمة، فهذا الخطر الامني، لايمكن ان يتبدد في يوم او يومين، او اسبوع او اسبوعين، لان الرواية التي يقدمها الحريري، تعني وجود اطراف تستهدف حياته، سواء اطراف لبنانية، او غير لبنانية تريد خلط الاوراق في لبنان، وعلى هذا فأن احد الشروط الضمنية التي تحدث عنها الحريري كانت تتعلق بوجود ضمانات بشأن حياته، وهذه لاتستطيع اجهزة الامن اللبنانية، تقديمها اساسا، في بلد تلعب فيه دول واجهزة وتيارات عديدة.
مايراد قوله ان الخطر الامني، لايعقل ان يتبدد فجأة لمجرد ان الرئيس غير لغته، من استقالة بلا عودة، الى استقالة عبر الطرق الدستورية، وعبر فتح المجال لتكليفه مجددا، وقد شهدنا تغيرا في اللغة من التهديد بقطع ايدي ايران، الى الطلب من حزب الله التحول الى حزب سياسي، وعدم التدخل في اليمن، وتطبيق سياسة النأي بالنفس، وغير ذلك.
ربما الخطر الامني اليوم، عليه اعلى، لان الحرب التي فجرها في وجه حزب الله وتيارات اخرى، ستكون مكلفة على امنه الشخصي، كما ان علينا ان نتوقع اغتياله على يد طرف اقليمي او دولي، من اجل التسبب باتهامات لاطراف اخرى، بما يفجر الاوضاع في لبنان.
في كل الحالات، فأن السيناريو الامني المتعلق بحياته اذا عاد، ليس سهلا، على الاطلاق، لاعتبارات كثيرة، هذا فوق ان الخطر الامني، مايزال قائما مما يجعلنا نسأل عن المخاطر المتعلقة به اذا عاد، وهذا يقلل من فرصة عودته، برغم اعلانه انه سيعود خلال يومين او ثلاثة ايام.
اذا قفز الحريري عن السيناريو الامني المتعلق بحياته، فستكون هذه خطوة شديدة الحساسية، والارجح ان هذه مقامرة ليست سهلة، ولا احد يعرف اذا ماكان سوف يتجنبها، ام سوف يمضي بها حتى النهاية.
العنصر الثاني، يتعلق بطلباته من حزب الله، وتحديدا تطبيق سياسة النأي بالنفس، والارجح ان حزب الله لن يستجيب لهذه الطلبات، لان الحزب ينتمي الى معسكر محدد، له حروبه ومصالحه في سوريا واليمن، ومواقع اخرى، ومن البساطة هنا، ان نعتقد انه لمجرد استقالة الحريري، سوف يخضع حزب الله، ويقوم بتغيير سياساته، والانسحاب من دول كثيرة، والتوقف عن تهديد دول عربية.
الارجح اننا امام احد سيناريوهين، الاول ان الحريري سوف يؤجل عودته لاعتبارات كثيرة، سياسية وامنية، او الحريري سيعود من اجل تقديم استقالته بسرعة، والانسحاب من المشهد السياسي اللبناني، اذا ضمن الجانب الامني، خلال سفره وتقديم استقالته.
هناك ازمة في لبنان، ازمة قديمة جديدة، وكان من المؤكد في الاساس، ان سياسات الوفاق والتوافق، لن تستمر طويلا، خصوصا، مع سياسات ايران التي تؤذي المنطقة، ولربما نحن امام اجتماع الاحد المتعلق بوزراء الخارجية العرب، وهو اجتماع يأتي في سياق الوقوف في وجه ايران، وليس في سياق تخفيف الموقف منها، او محاولة استرضائها.
عودة الحريري بالنسبة لكثيرين، ماتزال معلقة، برغم اعلانه عودته، قريبا، والارجح انه اذا امتلك قلبا قويا وعاد، فهو سيواجه مدفعية خصومه من كل الاتجاهات، خصوصا، الاتجاه الايراني وجماعاته في لبنان، وقد لا يكون راغبا بالدخول وسط هذه المعركة، وسيكتفي لحظتها بالاستقالة امام رئيس الجمهورية، ومغادرة لبنان.
يبقى المشهد، عرضة بكل تفاصيله، الى تغيرات كبيرة ، خصوصا، ان الحريري ليس وحيدا في المشهد اللبناني، اذ ان اغلب القوى اللبنانية، لها دول حاضنة، اضافة الى بصمات عواصم غربية، وهذا يجعله المشهد الاكثر تعقيدا في العالم العربي.