هل المشكلة «الجوهرية» الحقيقية في لبنان اليوم هي شكل ومكان استقالة الرئيس سعد الحريري ، أم دلالات هذه الاستقالة؛ والأهم، مضمون خطاب الاستقالة؟
حسن نصر الله شوّش على المشهد اللبناني، وتابعه من هم في «محوره»؛ من رئيس الجمهورية لرئيس البرلمان، ومن يدور في فلكهم.
من المتوقع أن يهرب زعيم «حزب الله» من مناقشة أسباب الاستقالة، لأنها أسباب تدينه وتدين حزبه الإرهابي، حسب وصف عربي وأميركي مؤكد.
غير أن تعلق رئيس الجمهورية ميشال عون بشكليات الاستقالة وطريقة تسليمها وأين هو سعد الحريري الآن، هو «هروب للأمام».
هناك قرار وعزم سعودي معه سند عربي، بالتزامن مع سياسة أميركية «حازمة»، لمنع النشاطات الإيرانية «الخبيثة»، حسب وصف الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس ترمب.
هذا هو جوهر الأمر، وهو قصة تتجاوز النقاش اللبناني المحلي المسطح الفولكلوري عن «وينو الشيخ سعد؟»!؛ حيث بدأت الإدارة الأميركية ضمن هذه السياسة الجديدة ملاحقة التشكيلات الإيرانية العراقية بـ«الحشد الشعبي» وتصنيفها إرهابية، كذلك الأمر في اليمن، حيث ثمة ما يعدّ جديّاً هناك، وفي سوريا.
بالعودة للبنان، وأزمته «الدولية»؛ وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، الذي لمّح نصر الله في خطابه إلى أنه يملك سياسة مختلفة عن رئيسه ترمب، قال: «الولايات المتحدة ترفض وجود أي مكان أو دور للميليشيات بلبنان». هذا موقف الإدارة الأميركية «كلها»؛ بداية من الرئيس ترمب الذي أعلن خطته ذات الأهداف الأربعة لإنهاء الدور الإيراني المدمر بالمنطقة.
على المستوى الاقتصادي، تريد خطة ترمب إحكام العقوبات وسدّ الثغرات على النظام الإيراني، وهو عمل سيلحق بالغ الضرر بأموال النظام الخميني المسخّرة لتغذية التنظيمات الإرهابية، مثل «حزب الله» اللبناني والحوثي.
الاقتصادي الإيراني لطفعلي بَخشي، حذّر من أنه «في ظل الاتفاق بين الرئيس الأميركي والكونغرس ومجلس الشيوخ حول إيران، فلن تكون هناك بعد الآن منافذ للالتفاف على العقوبات».
أرأيتم؟
المسألة تتجاوز بكثير «طوشة» لبنانية محلية، واستظرافاً سياسياً حول الخوف على الحريري من قبَل من كان بالأمس القريب يقتل قيادات فريق «14 آذار»؛ أولهم الوالد رفيق الحريري، وجبران تويني ومحمد شطح… هل نسينا؟
هناك عزم أكيد على حسم المواجهة الكبرى مع إيران وأدواتها بالمنطقة، عزم ليس خاصاً بالسعودية، وإن كانت في القلب منه، لكنه عمل عربي إسلامي دولي.
لقد نبّه الوزير السعودي ثامر السبهان، اللبنانيين جميعاً إلى أن «يعوا هذه المخاطر، قبل أن تصل لنقطة لا رجعة فيها».
الحلّ بلبنان سهل، وهو كما قال سمير جعجع: «الانسحاب من أزمات المنطقة… والسلام».