اخترنا لكنون والقلم

مجدي حلمي يكتب: السعودية و قضية القرن

قد تكون قضية القرن.. وقد يقف أمامها التاريخ لقرون.. يتحدث عنها وعن أبطالها وعن أحداثها وعن أدق التفاصيل بها، أقصد بقضية الفساد التى أعلنت عنها المملكة العربية السعودية وضمت اتهامًا لأمراء من الأسرة الحاكمة ورجال أعمال ووزراء ومسئولين كبار وصغار باتهامات تراوحت ما بين الرشوة وحتى غسيل الأموال مرورًا بتجارة السلاح وغيرها من جرائم الفساد.

هذه القضية كانت بمثابة زلزال عنيف ضرب قوى كانت تعتقد أنها بمأمن عن الحساب – إن كانت هذه قضية فساد- كما عصفت برجال أعمال كانت الدنيا تقف لهم باستثماراتهم فى أغلب دول العالم.

فحجم أموال هؤلاء المشتبه بهم فى هذه القضية عشرات المليارات من الدولارات أى أن أموال أقل متهم فيهم تعادل ميزانية دولة عربية بلغت ميزانيتها الجديدة مليارًا و500 مليون دولار.

فقرار التحقيق مع هؤلاء قرار جرئ وقوى وتاريخى وأعتقد أنه يعتمد على وثائق ومستندات ومعلومات موثقة وجاء بعد دراسة متأنية وهو جزء من سلسلة قرارات للعاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز تشير إلى أنه يحترم سيادة القانون قولًا وعملاً بداية من إعدام أمير أدين بقتل شاب وحتى إقالة وزير بسبب تعيين ابنه بالمخالفة للقانون فى وزارته وعدد كبير من القرارات الصارمة وكان آخرها قرار تشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة ولى العهد والتى أعلنت فور تشكيلها هذه القضية الكبرى وكان إعلانها صدمة للعالم كله.

فالفساد يحتاج إلى إرادة سياسية قوية لديها من القوة أن تحارب الفاسد أينما كان ومهما كان مرتكبه وهذه الإرادة تجلت فى القرار الخاص بتشكيل اللجنة والاختصاصات التى منحت لها وهى اختصاصات قضائية وأمنية معا فهى التى تتحرى وتقبض وتحقق وتحيل إلى المحاكمة.

فهذه القضية إن استمرت إلى النهاية ستكون نموذجًا حقيقيًا لدور السلطة الشفافة والنزيهة فى محاربة الفساد ومقاومة رجال الأعمال الفاسدين والضرب بيد من حديد على كل من يحاول أن يهدد دولة بسحب استثماراته منها وستكون نبراسًا ينير طريق أى حكومة لديها رغبة حقيقية فى مكافحة الفساد والحد منه.

فمكافحة الفساد عمل شاق وطويل.. لكنه يحتاج إلى قوة دولة وسلطة فى مواجهة الفاسدين خاصة من يستفيد منهم بقربه من السلطة ويتودد إليها تارة بالتبرعات وإعلانات التأييد وعرائض النفاق ومحاربة الأصوات الأخرى من خلال شراء ذمم الاعلاميين.

ومحاربة الفساد تحتاج إلى سيادة حكم القانون وتطبيقه على الكبير قبل الصغير وعلى أكبر موظف فى الدولة مثلما يطبق على أصغر موظف ويحتاج إلى قرارات واضحة ومحددة.

الفساد آفة العصر فهو مثل السرطان والفاسدون فيروسات تعرف كيف تقتحم جميع أجهزة الدولة من أعلاها إلى أدناها وتستطيع الحصول على ما تريد من السلطة لصالحها .. الفساد قضى على جهود التنمية فى بلاد كثيرة رغم كثرة مواردها والسبب أن هذه الدول حولت الفاسدين إلى أبطال وأصبحوا قدوة للشباب فتحول الفساد إلى ثقافة عامة للشعب.

فقضية القرن ستكون نموذجًا للجميع أن يحتذى به وكلنا لهفة فى انتظار ما ستنتهى إليه  وللمعلومات التى تحيط بها خاصة وأنها قد تمتد إلى خارج حدود المملكة العربية السعودية فى الأيام القادمة.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى