نون والقلم

حول شروط نتنياهو الجديدة للمفاوضات!!

بعد أن كانت السلطة هي التي تضع شروطا لاستئناف المفاوضات مع الكيان الصهيوني (هو شرط واحد في واقع الحال ممثلا في تجميد الاستيطان)؛ ها هو نتنياهو يقلب المعادلة، ويضع هو الشروط لاستئنافها بعد المصالحة الفلسطينية.

 

الشروط الجديدة أعلن عنها بعد اجتماع الحكومة الصهيونية الثلاثاء الماضي، وكانت كالتالي بالنص، حسب صحيفة «معاريف»:

 

  1. أن تعترف حماس بإسرائيل وتوقف الإرهاب وفقا لشروط الرباعية.

 

  1. نزع سلاح حماس.

 

  1. اعادة قتلى الجيش الإسرائيلي والمدنيين الإسرائيليين (الأسرى) في غزة.

 

  1. السيطرة الأمنية الكاملة للسلطة الفلسطينية في غزة وفي المعابر، بما في ذلك منع التهريب.

 

  1. استمرار إحباط شبكات الإرهاب لحماس في (الضفة الغربية) من قبل السلطة الفلسطينية.

 

  1. قطع حماس علاقتها مع إيران.

 

  1. ضخ الأموال والعتاد الإنساني الى غزة فقط وحصريا من خلال السلطة الفلسطينية.

 

في ذات اليوم الذي أعلنت فيه حكومة نتنياهو شروطها المذكورة، كانت الرئاسة الفلسطينية تصدر بيانا من نوع آخريدين مصادقة رئيس الحكومة الإسرائيلية على بناء 300 وحدة استيطانية في مستوطنة “بيت إيل” شمال مدينة رام الله، وكذلك المصادقة على بناء 31 وحدة استيطانية في قلب مدينة الخليل (لأول مرة منذ 15 عاما).

 

وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينه إن «الاستيطان غير شرعي ومدان عربيا ودوليا ومخالف لقرارات مجلس الأمن، خاصة القرار رقم 2334». مضيفا أن «هذه الهجمة الاستيطانية تأتي في الوقت الذي تحاول فيه إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، بذل الجهود وخلق الظروف التي تمهد لصنع سلام حقيقي».

 

مشهد مثير للسخرية، يعكسه البيانان الصادران في ذات اليوم. فالأول يتحدث عن استئناف المفاوضات كأنه مكافأة يقدمها نتنياهو للسلطة الفلسطينية؛ ينبغي أن تقدم الأخيرة أثمانا مقابله، في ذات الوقت الذي يعرف الجميع المسلسل الطويل من المفاوضات التي لم تسفر عن نتيجة، وفي الوقت الذي يعرف الجميع سقف نتنياهو حيال عملية السلام برمتها، والذي أكده مرارا وتكرارا، بحديثه عن القدس كمسألة محسومة، والذي أضيف إليه رفض الدولة الفلسطينية التي كان يوافق عليها في السابق، مع تحديد لماهيتها (الموقف هنا للابتزاز بالطبع، لأنه لا يمانع في الدولة ما دامت بشروطه)، وكل ذلك في زمن ترامب الذي لم يتكرم على الفلسطينيين بذكر دولتهم العتيدة، والذي يرى مبعوثوه وسفيره (كلهم صهاينة متطرفون) القدس مسألة محسومة أيضا كحال نتنياهو، في وقت يعرف الجميع أن ملفها هو الذي أفشل مفاوضات كامب ديفيد، وكذلك مفاوضات السلطة التالية مع أولمرت وليفني.

 

يعلم الجميع أنه لو لبت السلطة وحماس جميع الشروط التي تضمنها بيان الحكومة الصهيونية، لما تغير شيء على الأرض، ما يعني أن قادتهما لن يفعلوا شيئا سوى تجريب المجرّب.

 

نفتح قوسا لنشير إلى ما سربته القناة الثانية في التلفزيون الصهيوني عن «صفقة العصر» لصاحبها ترامب، والذي أكد ما قلناه هنا مرارا من أن الصفقة هي ذاتها “الحل الإقليمي” الذي يفتح عملية سياسية بلا أفق تكرّس الوضع الراهن، مع تطبيع عربي واسع مع الكيان، أي أنها تصفية عملية للقضية.

 

البيان الثاني عن الاستيطان من قبل السلطة يعكس بدوره لونا آخر من بؤس المشهد، إذ أنه بيان يتكرر على نحو دائم بين أسبوع وآخر، كلما أعلن الصهاينة عن مشاريع استيطانية جديدة، في ذات الوقت الذي يعلم الجميع أن لا شيء يلجم سُعار الاستيطان غير المقاومة التي أصبحت مرفوضة على نحو مبدأي، بل مطاردة منذ 2004، ولغاية الآن.

 

إنه التيه الذي تعيشه القضية، وتحدثنا عنه مرارا، وهو تيه لا تنهيه المصالحة، ولو نجحت تمام النجاح. وما ينهيه هو تصحيح بوصلة القضية برمتها؛ من التعويل على التفاوض إلى التعويل على مقاومة تجعل الاحتلال مكلفا، وتفرض عليه التراجع.

نقلا عن صحيفة الدستور الأردني

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى