لم تكن الرحلة إلى بغداد عادية، ولم يكن أهلنا في بغداد سوى ما عهدناهم، بطيبتهم ومحبتهم ولهفتهم، فالعراق حين تعود للمملكة إنما هي عودة الشقيق بعد غياب طويل، والمملكة حين تمد يدها بحب وحرص، إنما تمد يدها لشقيقها، وشتان بين يدين، يد الشقيق ويد المحتل، فالمملكة جاءت لبناء العراق وتعميره، وإيران تفننت في تدميره، والقضاء على مقدراته العظيمة، منذ حربها الطويلة في ثمانينات القرن الماضي، وحتى دخول حرسها الثوري تحت مسميات عدة، كي تعبث في نسيجها السياسي، وتتحكم به، وتصنع ما تسميه فيما بعد فراغًا سياسيًّا، كي تبرر انتهاكاتها، كما فعلت مع الدول العربية الأخرى.
لقد استقبل الأشقاء وزير الطاقة السعودي المهندس خالد الفالح استقبالا مثيرًا، وتحولت قاعة الافتتاح إلى حالة مذهلة من الاحتفاء والترحيب الحار من الجميع، فلم يكن غريبًا أن يبادر الكبار والصغار، والرجال والنساء، بالتقاط الصور مع الوفد السعودي المشارك في معرض بغداد الدولي بشكل عفوي وحميم، هم لا يعرفوننا لكنها الهوية وروابط الدم والأخوة، ثمة حالة من الفقد في أعينهم، حالة تلقائية من الدهشة والحنين، بعضهم يسأل بحزن: «لماذا تركتمونا كل هذا الزمن؟»، فهل جربوا غيرنا كيف يكتشفوا الفرق بين الشقيق والمحتل؟ هل كان الغير أو البديل العدو نفسه الذي قصف العراق وقتل شعبه على مدى ثماني سنوات؟ هل كان على العراقيين أن يعيدوا قراءة الشاعر المصري أمل دنقل وهو يصيح:
لا تصالح على الدم حتى بدم
لا تصالح ولو قيل رأس برأس
أكل الرؤوس سواء؟
أ قلب الغريب كقلب أخيك؟
أ عيناه عينا أخيك؟
وهل تتساوى يدٌ… سيفُها كان لك
بيدٍ سيفُها أثكلك؟
نعم لا يمكن المقارنة بين عيني أخيك وعيني الغريب، ولا بين يدٍ كان سيفها لك، ويدٍ سيفُها أثكلك، فنحن شعب واحد، قبائلنا العربية ممتدة من صنعاء إلى الموصل، وثقتنا بهذا الحراك والتناغم السعودي العراقي كبيرة، وأملنا بالله ثم بقيادتنا أكبر، وهي تصافح العراق، وتقف مع مصر، كي تعود الدول العربية الثلاث الكبرى إلى انسجام مواقفها السياسية، وتكاملها الاقتصادي المخطط له، ولعل وجود سعادة الأخ عبدالعزيز الشمري، القائم بأعمال السفارة بالعراق، وفريقه الشاب الطموح، بكل ما يمتلكانه من علاقات متميزة، وتعامل دبلوماسي رفيع، يبشر بالخير، وبمستقبل رائع في مسار العلاقات السعودية العراقية.