قد تكون مبادرة تحدي القراءة العربي، من أهم مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مع اعترافنا الصريح أن كل مبادراته غير مسبوقة، وتغطي كل جوانب الحياة، ولكن تحدي القراءة في قناعتي، يحظى بمحبة خاصة، لدى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لأن العلم والحرف قوة والجهل والإرهاب ضعف.
نعم فعندما نكون متعلمين، قارئين، متفتحين، ومثقفين سيكون من الصعب، لا بل من المستحيل، أن تغزو عقولنا الأفكار الظلامية والمتطرفة، والتي تسكن غالباً في العقول الفارغة المنغلقة، والتي يمكن التحكم بها وإدارتها مثل مقابض الأبواب.
فالجهلة هم المادة الخام للإرهاب، لأننا عندما نبني أجيالاً متعلمة، فنحن لا نبتعد عن الإرهاب فقط، بل نقترب من التطور والتقدم والحضارة، ومواكبة الدنيا، وحتى منافستها، لأننا لا نختلف عن الآخرين في شيء، سوى في مقدار التعلم وتطبيق التكنولوجيا، لخدمة وسعادة ورفاهية المجتمع، وهو الأمر المتحقق في الإمارات، وهذا ليس بشهادتي، بل بشهادة أي إنسان واقعي زار البلد، أو عاش فيها، أو مر بها حتى مرور الكرام.
يوم الأربعاء الماضي تشرفت للمرة الثانية، بتقديم حفل القراءة العربي، وسط اهتمام عربي غير مسبوق، ومشاركة سبعة ملايين ونصف مليون من الطلبة، فتحولنا من أمةٍ لا تقرأ إلى أمة تتحدى نفسها بالقراءة، وشاهدنا مدارس نسبة التحدي فيها مائة بالمائة، وشاهدنا قصة الجزائرية فاطمة غولام التي باتت أول شهيدة للقراءة، وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «كما للكلمة قراء.. فإن لها شهداء»، ورغم أن قصة فاطمة مؤسفة ومحزنة، إلا أنها دافعة وملهمة، فالفتاة كانت تسكن على بعد 1800 كيلومتر من العاصمة الجزائر، في بيئة صحراوية نائية، وكان حلمها وهدفها الوصول إلى دبي، والمشاركة في التحدي، وباتت أحد رموزه، ولم ينس القائد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن يكرم والديها، بعد أن كان أول المعزين بها، وبعد أن أمر ببناء عشر مكتبات باسمها.
أتمنى من الجميع أن يدعموا تحدي القراءة، الذي قد يصل بنا إلى ضفة العلم، ومحو الجهل تماماً من بيئتنا العربية، لننطلق لبناء أوطاننا، بعيداً عن الخوف والتعصب والإرهاب والجهل والأمية التي تولد منها أمراض لا عد لها ولا حصر.
تحية لمن رأى في القراءة، لا في الخطب الرنانة والتنظير واللجان التي تتابعها لجان وتراقبها لجان وتفصفص عملها لجان، تحية لمن رأى في القراءة علاجاً للكثير من مشاكلنا وأمراضنا.
تحية لك شيخ العرب.. صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.