الأمم المتحدة لم تقرر بعد إن كانت أزمة ميانمار وطائفة الروهينغا ترقى إلى إبادة جماعية.
كثيرون منا غاضبون على المنظمة الدولية، وقالوا فيها كلاماً جارحاً وخارجاً على الذوق العام، شتائم واتهامات بالانحياز، ومطالبات بإلغاء الأمم المتحدة لأنها عاجزة عن حل الأزمات، ولم يسلم الأمين العام من الغمز واللمز، ونبش تاريخه وانتمائه الفكري والسياسي، وتمت المقارنة بينه وبين السيدة المناضلة حاملة جائزة نوبل للسلام أونغ سان سوتشي رئيسة ميانمار، فهي كانت أيضاً من المدافعين عن الفكر الذي ينتمي إليه غوتيريس، وأراد أولئك المتوترون المتعصبون أن تسحب الجائزة الدولية عن تلك المرأة التي قادت شعبها ذات يوم ضد الديكتاتورية العسكرية، ودخلت السجون والإقامة الجبرية لسنوات، وكادت أن تقتل عدة مرات، وقد كرمت في المحافل كافة وليس من جائزة نوبل فقط، وأنتجت هوليود فيلماً يحكي سيرة حياتها وتضحياتها حتى أصبحت رمزاً لمواطنيها، ولهذا كرمت عندما تحققت الديمقراطية، وانتخبت رئيسة، وصادف أن وقعت صدامات بين بعض الأعراق والأديان في بلادها، فاحترقت عشرات القرى التي يسكنها الروهينغا، وشرد مئات الآلاف من الذين هربوا إلى بنغلاديش بعد أن قتل الآلاف أمام أعينهم، والرئيسة غير راضية، وقد وعدت عدة مرات بتوفير الحماية حتى يتمكن المشردون من العودة إلى ديارهم.
والأمم المتحدة أرسلت لجاناً وفرقاً ولم تقصر، فهي تبحث في الأسباب، ومازالت تفعل ذلك، وقد شاهدنا قبل أيام إحدى تلك الفرق وهي تزور معسكراً للاجئين، وتسجل لهم رواياتهم، وتكشف عليهم، ثم تلصق بطاقات تعريفية على خيامهم، ويبدو أن أولئك الذين كانوا هناك لم يقتنعوا بما شاهدوا وسمعوا، فأعداد الذين قتلوا أقل من المطلوب، وكذلك الذين أحرقت قراهم واضطروا إلى الهروب نحو الحدود وطلب الأمان من العالم، ما زالوا تحت مستوى المؤشر المعتمد من قبل الأمم المتحدة، والمطلوب أن يجتهد أبناء تلك الطائفة المنكوبة، حرقاً وموتاً، حتى يرتقوا بمستواهم، ويصعدوا درجة أو اثنتين، ليدخلوا في قائمة «الإبادة الجماعية»، ويسجلوا في لوحات التكريم، وتقام لهم الاحتفالات الخطابية التي تدين جيش المناضلة حاملة جائزة نوبل للسلام!!