حين هُزم العرب عند محاولتهم الأولى لترؤس منظمة اليونيسكو، في انتخابات العام ١٩٩٩، كتبت مقالاً غاضباً حينذاك في صحيفة «الشرق الأوسط»، جعلت عنوانه: في اليونيسكو… فازوا بهزيمتنا!
الآن، وبعد مرور ثمانية عشر عاماً من الهزيمة الأولى إلى الهزيمة الرابعة، الأسبوع الماضي، اكتشفت أني كان يجب أن أترك عنوان مقالة الهزيمة الأولى لمقالة الهزيمة الأخيرة فهي الأجدر به!
هُزمنا في عام ١٩٩٩ و٢٠٠٩ و٢٠١٣ و٢٠١٧، لكن الهزيمة الأخيرة فريدة في كون المرشحين العرب حصلوا مجتمعين هذه المرة من الأصوات على ما يخوّلهم للفوز بالمنصب بسهولة، كما فصّلت في مقالتي الأربعاء الماضي، لو توافقوا على مرشح عربي واحد، لكن (التوافق) هذه المرّة كان أبعد من كل مرة سابقة.
سأستعيد مقطعاً مما قلته في مقالتي، بعد الهزيمة الثالثة عام ٢٠١٣: «لماذا لم يفز العرب بهذا المنصب حتى الآن، على رغم أحقيتهم التاريخية والموضوعية؟
لأنهم إما أن يدخلوا بالمرشح المناسب في التوقيت غير المناسب، أو بالمرشح غير المناسب في التوقيت المناسب، أو بالمرشح غير المناسب في التوقيت غير المناسب. لكن العرب حتى الآن لم يصطادوا اللحظة الذهبية المتكاملة، أي التي يدفعون فيها بالمرشح المناسب في التوقيت المناسب».
قلت هذا التأويل التفكيكي للهزيمة، وكلّي ثقة حينذاك بإحكامه وإتقانه لتأويل الحالة العربية في اليونيسكو. والآن سأعترف بأني أخطأت، إذ ظننت أن المسألة تكمن فقط في المرشح المناسب والتوقيت المناسب، ونسيت أن (المزاج المناسب) في المنطقة العربية أكثر أهمية بكثير من عاملي المرشح والتوقيت.
خاضت الدول العربية هذا العام، سواء منها الدول المرشحة أو الدول المساندة، حرباً بينيّة ضروساً داخل أروقة اليونيسكو لم تشهد لها مثيلاً سابقاً، بشهادة مخضرمي المنظمة.
في هذه الدورة من الانتخابات، لم نكن في حاجة لاستحضار ملف الأعذار: نظرية المؤامرة، الكيد الصهيوني، التحيز الغربي، فنحن كنا نتنافس مع بعضنا بعضاً حتى نجحنا في هزيمة أنفسنا وفاز غيرنا!
بعد أن كنا نأمل من العرب بأن يتّحدوا في وجه خصومهم، بتنا الآن نأمل بأن يتحدوا في وجه أنفسهم!
هل يمكن العرب أن يخوضوا محاولة خامسة في عام ٢٠٢١ أو ٢٠٢٥، وكيف ستكون النتيجة؟!
لا يمكن أحداً تخمين الإجابة، ليس لصعوبة التنبؤ بحال العرب عندها، ولكن بوضع اليونيسكو حينذاك!!
نقلا عن صحيفة الحياة