اخترنا لكنون والقلم

ثالوث الشر يفجر الصومال

مجزرة مقديشيو لم تلفت أنظار إعلامنا العربي، تعاملنا معها وكأنها حدث لا يستحق المتابعة والتحليل والتفسير، 300 جثة متفحمة انتشلت من تحت الأنقاض، ومثلها كان عدد المصابين.

أحد الأصدقاء هناك في مقديشيو عاصمة الصومال، كانت العبرة تخنقه وهو يحدثني عندما أردت الاطمئنان عليه، أربعة من زملائه كانوا بين قتلى التفجيرين، وشهد كل تفاصيل تلك الجريمة، بدمائها وأشلائها، وصراخ الذين تراكمت فوقهم أساسات البنايات وسقوفها المنهارة، قال إن الذي حدث لم يكن تفجيراً بسيارتين مفخختين، بل تفجير نووي لقوته التدميرية الهائلة، ومثل هذا التجهيز والأسلوب لا يمكن أن تقدم عليه مجموعة ” الشباب ” المتطرفة، فهي لا تملك الإمكانات، ولا تستطيع أن تصل إلى قلب العاصمة بهذه السهولة.

كان صاحبي يشير إلى الأصابع الخفية العابثة بكل البلاد العربية والإسلامية، فهذا المشهد رأيناه في بيروت الثمانينيات، وفي عواصم أفريقية بالتسعينيات، وغيرها من الأماكن، وكلها توصلنا إلى حزب حسن نصر الله التابع للولي الفقيه الإيراني، ويكملها الوسيط الثالث الذي أصدر بياناً بعد لحظات من التفجيرات يدعي فيه أن مقره قد تضرر وبعض العاملين به أصيبوا، مثلث الإجرام وتمزيق أجساد الدول والبشر يكتمل بمؤامرات الحمدين المصرين على تحويل قطر إلى بؤرة إرهاب من الدرجة الأولى.

جمعيات قطر الخيرية متغلغلة في المفاصل الصومالية، تحت ذريعة المساعدات الإنسانية تستشري الشر، ومع الغذاء والماء والدواء تمر شحنات الموت، وأتباع الحرس الثوري الذي لا تعترف أوروبا المنافقة بإرهابه، هؤلاء يملكون المتفجرات والخبراء، وأولئك لديهم وسائل التهريب، وقد يفلتون جميعاً من العقاب.

جميعنا ننظر إلى الصومال كبلد ممزق يحترب شعبه بقبائله ومعتقدات طوائفه منذ ثلاثة عقود تقريباً، ولا نلتفت إليه، لا تهزنا تلك الصور التي بثت للمذبحة في مقديشيو، ولم تثر فينا تعاطفاً مع الذين ماتوا، أو تساؤلاً عن الذين لا يريدون استقراراً أو أمناً لهذا البلد، وقد تموت الحقيقة تحت الأنقاض، فالأميركان منشغلون بما هو أهم، وأوروبا تريد من تمرر الصفقات معه، والأمم المتحدة أصبحت نسياً منسياً في كل الأحداث الدولية.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى