الخليج أون لاين
بعد ساعات من استجابة الحكومة المصرية لمطالب أمناء الشرطة الذين اعتصموا، بلا تصريح، أمام مديرية أمن الشرقية؛ أعلنت السلطات الأمنية بمصر رفض وقفة للمعلمين كان تم التصريح لهم بها، ثم أجلت مرتين، ما يثير جدلاً حول تقدير النظام الحاكم لدور المعلمين، وحول تمسكهم بمطالبهم.
وكان رئيس تيار استقلال المعلمين، محمد زهران، حصل على تصريح لتظاهرة يوم 27 يوليو/ تموز الماضي، أجلتها وزارة الداخلية المصرية ليوم الاثنين 31 أغسطس/آب، ثم قام جهاز الأمن الوطني بإلغائها بشكل نهائي.
وتتلخص مطالب المعلمين في إنهاء لجنة تسيير الأعمال التي تشرف على نقابة المعلمين، وتطبيق القانون الخاص بكادر المعلمين، وإصلاح الرسوب الوظيفي الذي يمنع 630 ألف معلم من الترقية، وعودة التكليف لخريجي كليات التربية.
واعتبر زهران أن “لجنة تسيير الأعمال التي جاءت لتدير النقابة حماية من سيطرة الإخوان المسلمين، استغلت النقابة لمصالح شخصية، وحاولت إجهاض هذه التظاهرة بدعوى أن الإخوان المسلمين هم الداعون لها”.
-لا للمغامرة
وأكد زهران في حديثه بأنه تقدم بالمطالب للمجلس التخصصي للتعليم، التابع لرئاسة الجمهورية في 11 أغسطس/آب الماضي، وتلقى وعداً بأنه سيحصل على رد قبل بداية سبتمبر/أيلول الجاري، وهو ما لم يحدث.
ولفت إلى أنه “لا يفكر في الضغط على الحكومة بأية إضرابات مع بداية العام الدراسي، فالوقفة كانت لتعزيز القنوات الشرعية، وإلغاؤها لا يعني الحيدة عن الإطار القانوني”.
-خوف
وفي سعيه للحصول على آرء معلمين فوجئ مراسل “الخليج أونلاين” بإحجام كثيرين عن التحدث، وهو ما يثير تساؤلات حول جدية تمسك المعلمين بمطالبهم، وهل أصبحوا بصمتهم هذا مشاركين في صناعة قمع باتوا يعانون منه؟ لا سيما أن رجالاته تلقوا خلال مراحل تعليمهم دروساً عن كرامة الإنسان-لا شك- على أيدي معلمين.
محمد مسلم، معلم لغة عربية بإحدى المدارس الخاصة، قال إن الدولة “تعمل على التفريق في المعاملة بين المواطنين”، مستدلاً على ذلك بسرعة استجابة الحكومة لمطالب أمناء الشرطة دون المعلمين، وفق قوله.
وفي حديثه ألقى مسلم باللوم على كثير من المعلمين؛ لأنهم يكتفون بالحرص على التكسب من الدروس الخصوصية دون أن يلقوا بالاً للتضامن مع زملائهم، الذين طالبوا كثيراً بتحسين أوضاعهم المعيشية، وهو ما يتسبب في تمزيق وحدة المعلمين، على حد قوله.
وأبدى استياءه من تركيز قنوات فضائية على أمور تثير الرأي العام ضد المدرسين؛ بهدف الحيلولة دون تعاطف الرأي العام معهم، وفق تصوره.
ولفت إلى “ضرورة وجود تواصل بين مدارس الحكومة والمدارس الخاصة، قبل أية تظاهرة تخصهم، وأن يتوافقوا حول أهداف محددة”.
-غثاء السيل
أما رمضان محمد، معلم بإحدى المدارس الحكومية بالقاهرة، فأبدى شكوكه في أن تصل فئة المعلمين التي تحتاج إلى إعادة تأهيل إلى أهدفها، برأيه.
وأرجع ذلك إلى أن كثيراً من السلوكيات التي مارسوها خلال العملية الدراسية، كالغش والعنف ضد الطلاب “تؤكد أنه ليس بمقدورهم أن يقفوا وقفة رجل واحد لمطالب نزيهة”.
وألقى في حديثه لـ”الخليج أونلاين” بتبعة كثير ممّن أصبحوا “يعيثون في مصر فساداً”، على عاتق من كانوا في يوم من الأيام يدرسونهم، كما قال.
-الخوف من المارد
من جهته أوضح الخبير التربوي محمد فتح الله أن المعلمين “كالمارد الذي تحاول الدولة السيطرة عليه، وترصده دائماً؛ لأنها تعلم أن تظاهرها قد يقود فئات أخرى إلى ثورات حقيقية”.
مؤكداً أن “ثمة ضغوطاً وتهميشاً يمارسه النظام لإشغال المعلم بلقمة العيش، لإحكام هذه السيطرة”.
واستبعد أن يحقق المعلم نواتج التعلم المأمولة، خاصة أنه بات يشعر بالاغتراب في بلده، ملمحاً إلى أنه “لو توافرت لدى المعلمين رغبة حقيقية للضغط سيصلون لأهدافهم، فأعدادهم كثيرة، ولا يخلو بيت مصري من صلة بالتعليم”.
وخلص إلى أن تردي أحوال التعليم “هو جزء من فساد المجتمع ومن نظام عالمي يحرص على هذا التردي، كما أن كثيرين ممّن يقودون مطالب المعلمين هم جزء من النظام الحاكم وضمن منظومته”.