اخترنا لكنون والقلم

السوريون ورحلة البحث عن الأمل

يترقّب العالم بأجمعه مصير أشقائنا السوريين في رحلتهم للبحث عن حياة جديدة، بعد أن عاشوا على مدى أكثر من ست سنوات لاجئين ونازحين ومهاجرين، وبين الألم الذي تسببه الحرب من موتى وجرحى ومفقودين، ومن صدمهم الفقر والمرض في دولتهم أو في الدول التي توجّهوا لها.
بداية قصتهم المأساوية يعرفها العالم، ولكن نهاية هذه الحرب ليست معروفة، ففي كل يوم يسقط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين الأبرياء من قبل الأطراف المشاركة في الحرب.
أقيمت على أراضيها أخطر المنظمات الإرهابية مثل «داعش» و«جبهة النصرة»، وتواجدت قوات دول مثل إيران وروسيا، وكلهم لهم نصيب في قتل الأبرياء، يداً بيد مع النظام السوري الذي صبّ على شعبه البريء كل أسلحة الدمار وفقاً لتقارير الأمم المتحدة.
لسنوات ولا تزال هذه الحرب المدمّرة مستمرة، واليوم يكاد المجتمع الدولي أن ينسى هذه القضية، ويوشك أن يتناسى الإعلامان العربي والعالمي هذه الأزمة، ويضع كل أخبار الحرب السورية في أرشيف وإلى أجل غير مسمى.
أصبح السوريون الذين هاجروا خارج وطنهم، أثناء الحرب، مشتتين في كل بقاع الأرض، يعانون آلام هذه الحرب الدموية، صغاراً وكباراً، رجالاً ونساء، ويحملون همومهم أينما ذهبوا، تملؤهم الحسرة والألم.
قبل الحرب كان السوري له طموح في الهجرة، كالبحث عن مستقبل جميل، وكان يعود كل سنة إلى موطنه في رحلة استرخاء مع العائلة والأحباب، واليوم أصبح السوري يهرب من الموت كلاجئ أو مهاجر باحثاً عن الأمل للحياة.
هذه الحرب تجرّدت من الإنسانية، فالأطراف المشاركة فيها تستهدف المستشفيات، فوفقاً لتقارير «أطباء بلا حدود» فإن القصف الجوي يستهدف المستشفيات غربي سوريا في محافظة إدلب وشمال محافظة حماة، وقد أغلقت أبواب المستشفيات خشية وقوع قتلى وجرحى.
آخر تقارير لحقوق الإنسان في سوريا يثبت أن أكثر من ثلثي الشعب السوري ضحايا لهذه الحرب، وأكثر من 15 مليون ضحايا لهذا النزاع من قتلى وجرحى ولاجئين ومفقودين ونازحين ومهاجرين، وأيضاً منهم من في سوريا وانضم إلى المنظمات الإرهابية، وأصبح ضمن قائمة الإرهاب متهماً بجرائم القتل والتفجير.
جيل من الأطفال أصبح بلا تعليم، ومن ولد قبل ثلاثة أعوام من هذه الحرب الغاشمة في 2011 وبعد سبع سنوات من الحرب أصبح عمره عشر سنوات، أي أنه بلغ هذه السن ولم يدخل مدرسة، ولم يتعلم كما يتعلم الأطفال في مثل عمره، وأصبح الجهل يطارده من جهة، والموت والحرب ينتظرانه من جهة أخرى.
بلا شك تغيّرت وجهة نظر المجتمع الدولي للمجريات والتحولات في سوريا، ففي اليوم الأول سمّي ما يجري في سوريا بثورة الشعب السوري، وكانت المواجهة بين المعارضين والنظام السوري، واليوم أصبح المسمّى الرئيسي لهذه الحرب هو النزاع بين الأطراف.
إن التحوّلات السياسية في سوريا تلعبها قوى الشر بأجهزتها الاستخباراتية وبدعمها لإنشاء الخلايا الإرهابية لتغيير مجريات هذا النزاع، لتأجيج الحرب وإبقائها لأطول فترة في الشرق الأوسط.
خيارات السلام في سوريا أصبحت معقّدة لعدم اتفاق الأطراف المشاركة في الحرب، وعدم جلوسهم على طاولة الحوار لاختلاف في الرؤى والأهداف، وبسبب ارتباطات خارجية لا علاقة لها بالداخل، حيث إن البعض لا يزال يصرّ على استبعاد النظام من أي حل في حين يرى آخرون عكس ذلك، فيما يواصل المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا جهوده لعقد «جنيف 8» في نهاية أكتوبر الحالي، والذي يأمل فيه تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
على المجتمع الدولي الوقوف كرجل واحد لحماية الشعب السوري من هذه الحرب، وإلا فإن نار الإرهاب التي اشتعلت في سوريا ستمضي في طريقها إلى دول الجوار والدول الأوروبية ودول العالم، لأن إعادة بناء سوريا آمنة ومستقرة سوف يطفئ نار الإرهاب في المنطقة والعالم.

نقلا عن صحيفة الخليج

أخبار ذات صلة

Back to top button