هل القيادة القطرية مسلوبة الإرادة لهذه الدرجة، أم أنها مغيّبة، أو ربما جعلتها سنوات التآمر تنسى أسس وقواعد الحكم في المنطقة، فإصرار النظام القطري على سحب جنسية كل من يخالفه ومنحها لكل من يتبع هذا النظام وينفذ تعليماته، خطأ كبير، خصوصاً أن ذلك الإجراء طال شيوخ القبائل وأعيان البلاد وأبناءهم وأسرهم!
كان يفترض أن يدرك النظام في قطر خطورة الخطوات التي يقوم بها على مستقبل البلد، خصوصاً أنه في الوقت الذي تسحب الجنسية من أبناء البلد الأصليين فإن النظام يمنح الجنسية لأشخاص لا انتماء لهم للأرض ولا للمكان، لا بالتاريخ ولا بالجغرافيا، بل والأدهى من ذلك أنهم إرهابيون، أو ينتمون إلى جماعات تدعم وتمارس الإرهاب، أو هم من الأشخاص الذين لهم أجندات ضد دول المنطقة وحكامها، وفي نهاية الأمر هم أشخاص لا تربطهم بقطر إلا المصلحة الآنية.
بعد تشريد أكثر من ستة آلاف قطري من قبيلة الغفران في عام 1995 وطردهم من قطر وسحب جنسياتهم بلا أي ذنب اقترفوه، جاء النظام ليسحب الجنسية من شيخ قبيلة آل مرة الشيخ طالب بن لاهوم الشريم، وخمسين من عائلته، وذلك في بداية سبتمبر الماضي، ومنذ أيام سمع الجميع عن سحب نظام قطر جنسية الشيخ شافي بن ناصر بن حمود الهاجري، شيخ قبيلة شمل الهواجر، وهو الشيخ الذي استنكر، بكل شجاعة ووضوح، تصرفات نظام قطر تجاه دول الخليج.
غريب أن النظام القطري بدلاً من أن يستمع إلى عقلاء القوم والرجال الصادقين والمخلصين من أبناء قطر، يستمع إلى غيرهم من المرتزقة! والغريب أن هذا النظام بدلاً من أن يحترم رأي من يخالفه ويستمع إليه بإنصات، يذهب لإجراء عقاب جماعي بسحب جنسيته وجميع أهله ومعاقبتهم بما يخالف كل الأعراف وكل القوانين المحلية والدولية، فالعالم يستغرب الخطوات التي يتخذها نظام قطر في التعامل مع كل من يختلف معه في الرأي والموقف، فيكون مصيره تجريده من جنسيته -التي هي حق أصيل له لا يحق سحبها مادام لم يرتكب كبيرة في حق وطنه ـ كما حدث مع أبناء القبائل وشيوخها، أو السجن، كما تم في حق عدد من شيوخ آل ثاني -حسب معلومات صحفية ـ الذين كان مصيرهم السجن فقط لأنهم لم يوافقوا على ما يقوم به تنظيم الحمدين والنظام في قطر، وهذا السلوك القطري الغريب على المنطقة لا يمكن قبوله فهو يضرب في أسس المجتمعات الخليجية التي يربطها بالدرجة الأولى الاحترام والتقدير، وهذا لا يدل إلا على إفلاس نظام قطر، وتآكله وقرب نهاية تنظيم الحمدين الذي أضر بالمنطقة كثيراً.