تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، التي يحض فيها، الدول المستضيفة للاجئين، على توطين اللاجئين، تثبت بشكل واضح، ان واشنطن تتجاهل عن عمد، حقائق كثيرة، بخصوص ملف اللجوء.
أولا لابد من التفريق بين أنواع اللاجئين، فاللاجئ الذي خرج من بلاده بسبب حرب أهلية، او مواجهات بين السلطة وجماعات سياسية وعسكرية، يختلف عن اللاجئ الذي خرج بسبب المجاعات او سوء الظروف الاقتصادية، ويختلف أيضا، عن اللاجئ الذي خرج بسبب الاحتلالات، ويختلف أيضا، عن اللاجئين لاسباب سياسية، او الاضطهاد الديني او العرقي، او بسبب حرية الرأي.
لكن الرئيس الأميركي، يقفز عن كل هذه التصنيفات والتعريفات، ويتحدث فقط، عن ضرورة توطين اللاجئين، بشكل عام، في البلاد التي يعيشون فيها، توطئة، لعودتهم الى بلادهم.
من ناحية سياسية، مباشرة، فإن الأصل ان تدعو واشنطن، دول العالم، الى معالجة أسباب اللجوء الجذرية، وليس نتائجها، اذ بدلا من الحديث فقط عن حقوق اللاجئين، ومايحتاجونه في هذه الحياة، لابد من الحديث عن اصل المشكلة التي أدت الى اللجوء، والا فأن تدفق اللاجئين، اكثر واكثر، ظاهرة سوف تستمر.
في الازمة السورية، مثلا، فان كل دول الجوار استضافت السوريين، وفي الأردن مثلا، فان اغلبهم يعيش في المدن، والقرى، والاقل عددا منهم يعيش في المخيمات، ولعل السؤال يتعلق بالذي يمكن للاردن تقديمه، في هذا الصدد، للاشقاء من سوريا، غير الذي يتم تقديمه أساسا، ولربما دعوة واشنطن المنقوصة هنا، لم تتطرق في الأساس الى الخطط الاقتصادية، من اجل وصفة التوطين، ولم يتم التطرق الى انهاء النزاع السوري، حتى يعود السوريون بشكل طبيعي، والامر ذاته ينطبق على العراقيين الذين غادروا العراق لاسباب مذهبية، وعلى فئات أخرى.
نقطة الضعف في خطاب الرئيس الأميركي، تتعلق بتجاوز الرئيس لفكرة تقول ان قرار العودة، نهاية المطاف، قرار فردي للشخص الذي غادر بلده، لكن الدول المستضيفة امام مأزق، فهي لا تستطيع تحسين بيئة اللجوء الى حد كبير لاعتبارات سياسية واقتصادية وامنية، وهي لا تستطيع أيضا، ان تحسن معيار اللجوء الى درجة كبيرة، بحيث تصير البيئة البديلة حاليا، بيئة أساسية، وبديلة الى مالانهاية عن الوطن الأساس، وفي الوقت ذاته لاتستطيع الدول المستضيفة، ان تنحدر بمعايير اللجوء، حتى تضمن عودة اللاجئين لاحقا، وحتى تجعل البيئة الحالية، منفرة، وغير لائقة، من اجل التسبب بعودة اللاجئين، مما يجرمها عالميا.
ملف اللاجئين ملف خطير، جدا، ويخضع، لاعتبارات كثيرة، لكن للأسف فأن واشنطن لاتعالج هذه الازمات، على شكل حزمة، تتضمن إزالة أسباب اللجوء أولا، وتتضمن أيضا، منع الازمات، والتسبب بموجات لجوء جديدة، وبدلا من كل هذا توجه دعوات الى الدول المستضيفة لتوطين اللاجئين، من اجل ان يعيشوا بظروف حسنة، توطئة لعودتهم، ولاتعرف واشنطن، ان هذه الظروف الحسنة، بحاجة في الأساس الى موازنات كبيرة، وان الظروف الحسنة، لاتتوفر أصلا، لابناء البلد المستضيف، هذا فوق ان تعميم فكرة الوطن البديل، على كل فئات ا للاجئين ، وانواعهم، يعتبر حلا غير أخلاقي، في المطلق، لان اللاجئ، أيا كانت جنسيته، هو ضحية، أزمات بلاده، او ضحية الاحتلالات، او الصراعات، التي سكتت عليها دول العالم، ولربما ساهمت في التسبب بها، ولايصير معقولا هنا، إعادة جدولة الازمات، بحيث ترتد فقط على الدول المستضيفة.