بكل حسم، وفي مواجهة أمير قطر تميم، وأمام صحافة العالم، نفى الرئيس الأمريكي ترامب أحاديث الضلالة التي روجها قادة قطر وإعلامها عن تدخل عسكري مزعوم بعد قرارات المقاطعة، وصف الرئيس الأمريكي مزاعم الدوحة بأن أمريكا طلبت بعدم قيام دول المقاطعة بعمل عسكري ضد الدوحة، بأنها «غير صحيحة» على الإطلاق.
وابتلع تميم ما قاله ترامب في العلن أمام الصحافيين، كما ابتلع ما قاله له ترامب في الاجتماع القصير المغلق عن الوقائع الموثقة لدعم قطر للإرهاب، ومطالبته بأن يدرك أن الأمر جاد، وأن مكافحة الإرهاب و«تجويع» جماعاته بقطع المعونة عنها هو أمر سياسي لأمن أمريكا والعالم، كما تراه الإدارة الأمريكية الجديدة!!
ولم تكن هذه هي اللطمة الوحيدة التي تلقاها تميم الذي ذهب إلى اجتماعات الأمم المتحدة متوهما أنه سيجد آذانا مصغية للمزاعم القطرية، فإذا به يكتشف أن العالم أصبح يتعامل مع النظام القطري على أنه مصنع للأكاذيب، ويتعامل مع الدوحة على أنها مركز لدعم الإرهاب ويتعامل مع نظام «تميم والحمدين» على أنه نظام آيل للسقوط. حتى لو أنفق كل أموال الشعب القطري بسفاهة في صفقات سلاح لن يستخدم، وفي دفع نفقات تحالف مشبوه مع الإخوان من ناحية، ومع إيران وتركيا من ناحية أخرى!!
حكاية «عسكرة الأزمة» أطلقها مصنع الأكاذيب القطري ليبرر «استيراد» بضعة آلاف من عساكر أردوغان يعرف الجميع أنهم جاءوا لحماية تميم والحمدين والإخوان من غضب أبناء قطر!! كما أطلقها ليبرر «رشاوى السلاح» التي تذهب فيها عشرات المليارات من أموال الشعب القطري في صفقات مضروبة هدفها الوحيد هو محاولة شراء صمت الدول الموردة للسلاح حتى لا تتم محاسبته على عشرين عاما من الجرائم التي ارتكبها في حق شعوب الخليج والوطن العربي، والتي لم يعد ممكنا أن تستمر في ظل عالم يتوحد الآن في الحرب ضد الإرهاب.. ومن يدعمونه!
وكم كان المشهد بائسا حين وقف تميم يتحدث من على منبر الأمم المتحدة فيجسد حالة النظام القطري وهو يعيش خارج الزمن، ويتحدث لمذيع فاشل في «الجزيرة» لا يملك إلا الأكاذيب، ولا يعرف كيف يخرج من «الحالة الإخوانية» التي هيمنت على السلطة في قطر فجعلتها مركزا لدعم الإرهاب ونشر الكراهية والتآمر على الشعوب في ظل أقنعة لا تريد أن تعترف بأنها سقطت.. فمازالت لا تعرف طريقا للخروج من أزماتها إلا الهروب إلى الأمام، وادعاء المظلومية، والإصرار على إنكار الواقع!!
لو أدرك النظام القطري في 30 يونيو أن «اللعبة انتهت» وأن إنقاذ مصر من قبضة الإخوان يعني سقوط المخطط الذي تم «استخدامه» في تمويله ودعمه سياسيا وإعلاميا لنشر الفوضى والهيمنة على العالم العربي كله وإخضاعه لحكم الضلالة الإخواني ولنفوذ القوى الإقليمية غير العربية والقوى العالمية التي تسعى لاقتسام المنطقة بعد أن تحولها إلى شظايا طائفية ومذهبية!!.. لو أدرك النظام القطري ذلك لكان قد بادر بالاعتذار عن جرائمه.
ولكان قد توقف عن دعم الإرهاب الإخواني، ولكان قد كفر عن ذنوبه في حق شعوب عربية شقيقة ساهم في هدم دولها وتخريب مدنها وتشريد شعوبها، لو أدرك النظام القطري ذلك لكانت «الدوحة» الآن ضمن معسكر العرب الرافضين للإرهاب، والمدافعين عن عروبة الخليج، والمناضلين من أجل إنهاء الفوضى ووقف الدمار واستعادة الدور العربي في المنطقة. لكن النظام القطري الذي تسمم جسده بالميكروب الإخواني ظل مخلصا لخيانته لأمته العربية وللشعب القطري نفسه، وظل على إنكاره الإخواني للحقيقة، وخداعه للنفس والآخرين حتى وصل إلى ما هو فيه.
ولو كان النظام القطري قد استعاد شيئا من الوعي بعد أن سقطت الأقنعة، لأدرك أن ما فعله الأشقاء حين أصدروا قراراتهم الحاسمة في الخامس من يونيو لم يكن في حقيقته يستهدف العقاب أو الثأر من الجرائم التي ارتكبها حكام الدوحة.
بل كان يعطي النظام القطري الفرصة الأخيرة لكي يستعيد الرشد ويدرك أنه يسير إلى الهاوية ما لم يمتلك الشجاعة لكي يعترف بأخطائه، ولكي يكفر عن جرائمه، ولكي يتفهم الحقيقة الأساسية التي ينبغي أن تقوده إلى الموقف الصحيح.
وهي أن شعب قطر لن يكون إلا جزءا عزيزا من خليج عربي تتوحد صفوفه في وجه أعدائه، ولن يكون إلا شعبا مخلصا لعروبته، داعما لوحدة العرب والمسلمين، وأنه لن يقبل مطلقا أن يكون مهددا لأمن أشقائه، ولا أن يتحول حكامه إلى أدوات لنشر الفوضى والدمار في المنطقة، ولا أن تكون الدوحة مركز تجمع لكل المتآمرين على الشعوب العربية، ولا أن تخضع سياسة قطر لمرشد من الإخوان أو مرشد من طهران!!
كان تميم يعلن للعالم من منصة الأمم المتحدة التي تصور أنها «منصة رابعة» بكل وضوح أنه «لا فائدة» من نظام ربط مصيره بدعم الإرهاب والتحالف مع الإخوان ومحاولة نشر الفوضى والدمار في أنحاء العالم العربي.
و«لا فائدة» من نظام خاصم عروبته وانشق على أشقائه في الخليج العربي وارتمى في أحضان ملالي طهران، واحتمى بعساكر أردوغان، واستمر منتجا للأكاذيب التي لم يعد يصدقها أحد!!
كنت أتابع خطاب تميم في الأمم المتحدة، فأتذكر منصة رابعة وخطابات المعزول مرسي، كان المشهد يقول بكل وضوح إن «النظام القطري وأمن الخليج والعرب.. دونت ميكس»!!