الهوس بصور «السيلفي» يجتاح الجميع.. من الخفير إلى الوزير. قبل شهور قليلة كنا نسمع كلمة سيلفي ونقرأها وخاصة في موضوعات الصحف والمجلات الأجنبية دون أن ندرك أبعاد الموضوع بعد، إلى أن انتقلت هذه العدوى إلينا بفضل مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وإنستجرام التي باتت تعج بصور سيلفي فيما يشبه مسابقة مفتوحة لأوضاع التصوير، بحسب تقرير لموقع “أصوات مصرية”.
تفتح صفحتك على فيس بوك أو حسابك على إنستجرام فتجد عددا لا بأس به من الأصدقاء ينشرون لأنفسهم سواء منفردين أو مع أصدقائهم صور سيلفي، لكن السباق على الانفراد بأوضاع تصوير مثيرة جعل البعض يدفع عمره ثمنا لالتقاط صورة “ثمينة” تنال أكبر عدد من علامات الإعجاب.
وكلمة “يدفع عمره” ليست من قبيل المبالغة، لأن هناك حالات كثيرة لأشخاص لقوا حتفهم أو عرضوا أنفسهم لخطر شديد وهم يحاولون التقاط صورة في أوضاع خطيرة للغاية.
ففي مايو من العام الجاري لقيت فتاة في رومانيا عمرها 17 عاما مولعة بالتقاط السيلفي حتفها عندما حاولت أن تلتقط “صورة العمر” لنفسها مع صديقتها فوق سطح قطار متحرك، فاصطدمت بكابلات كهرباء تعلو القطار واشتعلت بها النيران، ولفظت أنفاسها في المستشفى بعد إصابتها بحروق شديدة بينما ظلت صديقتها على قيد الحياة.
وفي الولايات المتحدة، حاول اليكس جوميز (36 عاما) الشهر الماضي أن يلتقط صورة سيلفي مع ثعبان من نوع الأفاعي المجلجلة rattle snake فما كان من الأفعى إلا أن لدغته لدغة قوية في إصبعه هددت بالتسبب في بتر يده أو ربما يعجز عن استخدامها إلى الأبد.
وقد لا يصدق البعض أن قصة السيلفي تعود إلى قديم الأزل، ربما إلى القرن التاسع عشر عندما التقط هاوي التصوير الكيميائي روبرت كورنيليوس في فيلادلفيا أول صورة سيلفي عرفها التاريخ عام 1839 في الأيام الأولى للتصوير، وما ساعده في ذلك أن الكاميرا كانت تستغرق وقتا كي تلتقط الصورة، فكان يضبط الكاميرا، ويقف في المكان الذي يريده لتلتقط له الصورة.
لكن المصطلح لم ينتشر بصورة كبيرة إلا في أوائل عام 2010، ثم أصبح استخدام السيلفي على نطاق أوسع بكثير في 2012 لأن هذا الاتجاه واكب الاستخدام الواسع لموقع فيس بوك بالتحديد ورغبة الكثيرين في مشاركة الصورة مع الأصدقاء. وفي عام 2013 بلغ رواج الكلمة أن دخلت ضمن قاموس أوكسفورد.
وفي عالمنا العربي لم نسمع عن كثيرين حاولوا أن يعرضوا حياتهم للخطر في سبيل التقاط سيلفي، وظل الاستخدام الأكثر شيوعا لدى الشباب من الجنسين لرغبتهم في الاحتفاظ بذكرى لحظات بعينها.
يقول محمد الشناوي (21 عاما) وهو طالب في كلية الصيدلة “عندما أكون مع أصدقائي كلنا نريد أن نظهر في الصورة، لذلك فالسيلفي هي الحل، تظل هذه الصورة موجودة للذكرى إلى الأبد.”لكنه يرى أن المبالغة في التقاط السيلفي خصوصا للشخص منفردا نوع من المرض”.
وتتفق معه شيرويت أيمن (22 عاما) وهي منسقة أفراح في أن السيلفي مهمتها الأساسية هي ألا يفتقدوا الشخص الذي يلتقط الصورة وأن جميع الأصدقاء تشملهم اللقطة، مضيفة “السيلفي أسهل طريقة للتصوير. إذا كنت موجودة في مكان لا أعرف فيه أحدا فيمكن أن أصور نفسي بنفسي دون أن أطلب من أحد ذلك.”
بعد نفسي للسيلفي
ويرى وائل علام، الأخصائي النفسي، أن السيلفي أصبحت قضية تلقى اهتماما كبيرا من الأطباء النفسيين وهذا دليل على أهمية الظاهرة كما أطلق عليها بعض الباحثين.
وأضاف “هناك اختلاف بين العلماء على مدلول الإكثار من السيلفي. هناك أبحاث تقول إنها دليل على النرجسية في حين أن بعض الأبحاث الأخرى تسرد فوائد للسيلفي. لا نستطيع تقديم رأي مؤكد لأن الأبحاث ما زالت تجري ومحل نقاش وجدل.”
ويرى البعض في التلقائية فائدة بارزة للسيلفي؛ إذ أصبحت تظهر صورا لأشخاص عاديين بعيدا عن الصورة المثالية للنجوم، وهى وسيلة للتعبير عن النفس والتحكم في الهيئة التي يرغب الشخص في الظهور بها كما أنها بالطبع وسيلة للتواصل مع الآخرين.
وفي مصر أصبح كثير من الفتيات يلتقطن السيلفي كي يظهرن جمالهن على سبيل المثال، كما تلجأ بعض السيدات إلى التقاط السيلفي مع أكلات قمن بإعدادها كي يراها أصدقاؤهن. ويرغب البعض في تسجيل كل لحظة حتى وإن كانت داخل قسم الشرطة.
وتقول ندى خالد (17 عاما) “لا أنشر صوري لهدف معين، أصبحت طريقة جديدة في التصوير فأعجبتني وأحببت أن أجربها.”
وزيرة السيلفي
لكن كانت هناك بعض النماذج غير المعتادة، فمثلا انتشرت صورة لبعض الجراحين داخل غرفة العمليات وهم يلتقطون سيلفي سويا بينما يجرون جراحة، وأثارت هذه الصورة سخط الناس على فيس بوك، وطالب البعض بمحاسبة هؤلاء الجراحين لأنها تنطوي على قدر كبير من الاستهانة بحياة المريض.
وفي الإمارات تلتقط بعض النساء صور سيلفي لإظهار رسم الحناء على أيديهن أو الأحذية الجديدة التي يشترينها ويرغبن في إظهارها لأصدقائهن على فيس بوك وانستجرام.
وفي تونس اشتهرت وزيرة السياحة السابقة أمال كربول بلقب وزيرة السيلفي، لأنها كانت تكثر من التقاط السيلفي بل ولجأت مرة لالتقاط سيلفي داخل دورة المياه!! وفي العراق ظهرت صورة سيلفي لجندي عراقي مع قتلى من تنظيم الدولة الإسلامية.
وربما يهدف البعض من السيلفي إلى التوعية بقضية معينة، مثل الممرضة الأمريكية توني ويلوبي (27 عاما) التي أصيبت بسرطان الجلد بسبب حمامات الشمس التي كانت تقوم بها وذلك للتوعية بخطورة هذه الممارسة، فصورت وجهها المليء بالقروح ولاقت هذه الصورة انتشارا واسعا للغاية.
واختار الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي كان يقوم بجولة في ألاسكا أن يتجول بعصا سيلفي كي يلتقط فيديو للولاية للتوعية بخطورة التغير المناخي هناك.
ولكن الأخبار المفجعة لا تتوقف عن أشخاص يلقون حتفهم أثناء التقاط صور سيلفي واحدثها كان في الثاني من شهر أغسطس الجاري لشاب عمره 19 عاما وأب لطفلتين قتل أثناء التقاط سيلفي مصوبا مسدسا إلى رأسه ولكنه لم يكن مدركا أن المسدس محشو بالرصاص فأطلق رصاصة بالخطأ أصابت رقبته فقتل في الحال.