لا تخلو بقعة من بقاع الأرض من المفسدين، إنه الميزان، فالصالح موجود والفاسق موجود، وبينهما يكون الخير ويكون الشر.
وما كان المفسدون كثرة في يوم من الأيام، إنهم قلة قليلة، فإن زادوا قيل إنهم فئة، وما وصم مجتمع بما ترتكبه فئة، حتى لو حسبت عليه، المنحرفون فئة، والشواذ فئة، والمرتشون فئة، والخونة لا يعدون على أصابع اليد، والسراق لا يرون بالعين المجردة، ومثلهم الكاذبون.
قد يكون المفسد في الأرض شخصاً واحداً، يبدأ من مكان وينشر عدواه، كما تفعل الخلية السرطانية، فتدمر كل الخلايا حتى تنهك الجسد فينهار، أو مثل تلك البقعة السوداء التي لا تكاد ترى على سطح حبة تفاح نضرة، وخلال يوم تذوي التفاحة وتتعفن.
ظهر في قطر شخص واحد، جعل الإفساد في الأرض عنواناً له، جثة ووجه مثل الصوان، ولسان يقطر عسلاً، بينما الأفعال تخالف ذلك، ففي الداخل كانت البذرة السوداء قد نبتت، وترعرعت في غفلة من الزمان، وأحاطت «جراثيم» البشر به، وانتشرت الخلايا المريضة في مجتمع فاضل.
ذلك هو حمد بن جاسم، الذي وجد بيئة راعية في بيت الحكم، واستغل كل إمكاناتها، من شراء الذمم إلى سرقة الأراضي واحتلال المناصب، وحتى تحالف مع الشياطين، فأفسد الداخل القطري، ثم انتقل إلى الخارج، وشيطن منطقة عرضها آلاف الكيلو مترات، وامتدادها من الخليج إلى المحيط الأطلسي، وسلاحه مال وهبه الله لشعب يتطلع نحو المستقبل المشرق، فإذا بذلك المال، يكون وسيلة إفساد في كل الأرض.
ومع ذلك، حمد بن جاسم فرد، والذين يؤيدونه فئة، وإن كان منهم أمير سابق ولاحق، ومن خلفهم شراذم من الذين أفسدوا في الدين، وليس في الأرض فقط، وتبقى الكثرة هي القاعدة، وهي الأساس، وهي الجذر الصالح للشجرة القطرية الوارفة،.
وقد تحدثنا بالأمس عن عبد الله بن علي آل ثاني، ذلك الرجل الصالح الذي مزق سواد ليل لن يطول على قطر، واليوم ينضم إلى ركب المصلحين الشيخ سلطان بن سحيم بن حمد آل ثاني، حاملاً راية العودة بقطر إلى بيتها الخليجي، ورافضاً الانجرار خلف الدخلاء، وإلصاق تهمة الإرهاب ببلاده وأبناء شعبه.
وغداً، وبعد غد، ستجدون اسماً واسمين وعشرة ومئة وألفاً، كلها ستقف صفاً واحداً ضد الإفساد في الأرض، وستغرس بذور الخير مكانها، فهذا حراك قد بدأ، ولن يتوقف قبل أن تعود الأمور إلى نصابها، والأخيار في النهاية هم الذين ينتصرون.