مثل الغريق تتقاذفه الأمواج والتيارات، يرى الموت أمامه، وينتظر يداً تمتد نحوه لتنتشله، هذه هي حال قطر اليوم، فقد أخذتها الأهواء إلى مصير أسود.
دمرها حمد بن خليفة، ومعه ذلك الحاقد الكاره لنفسه، حمد بن جاسم، أحدثاً ثقوباً في قارب سليم ومتماسك كان لا يخشى رياحاً أو أعاصير وهو يمخر عباب البحر، فإن لم تسعه قطر بمياهها، كان الخليج كله حاضناً وحامياً، في كل بقعة له صلة، وله يد تنبسط لتكون ملاذاً يتحصن به، فما كان القطري إلا ابناً لأهله في بلادنا، وسيبقى كذلك بعد أن يتخلص من محنته.
قطر بحاجة إلى الرشد، بعد أن حولها أولئك الأشخاص إلى رمز من رموز الخسة والكراهية، جاء دور العقلاء الذين انتظرناهم عشرين عاماً، فنحن لم نعتد من الشيوخ غير العقل والحكمة، قبل الحمدين لم نعرف غير ذلك، وهذا ما أوصلنا إلى الاستقرار والأمان، في ظل الظروف التي مرت بها المنطقة، وما حققنا من خلاله مجلس تعاون، كان مثالاً للتآزر والتلاحم وإزالة كل الشوائب، ولم تعجزنا الحواجز.
ولم تهزنا أطماع الغرباء، ولم نضعف، لأننا كنا نمسك بأيدي بعضنا بعضاً، فإذا بشخص أو شخصين حسبا على الشيوخ في قطر، يكسران كل الأعراف، ويحطمان القيم التي تربت عليها أجيالنا، ويمزقان أواصر الجيرة والقربى والنسب والمصير الواحد.
من قطر، جاء رجل صالح ، شيخ ابن شيخ، وكأنه نقطة ضوء وسط ذلك الظلام الدامس، رجل حكيم، لم يقبل بما آلت إليه الأمور في بلاده، وحركته المسؤولية التاريخية التي تتطلب عقلاء القوم، وتستدعيهم لينقذوا بلادهم وأهلهم وقت الشدة.
عبد الله بن علي بن عبد الله آل ثاني، هو ذلك الرجل الحكيم الذي انتظرته قطر، فهذا يومه وزمانه، وقد قدر ذلك، خاصة بعد مسعاه لدى خادم الحرمين الشريفين لحل أزمة الحجاج، فإذا بكل الطرق المؤدية إلى مكة تفتح، وتسقط حجج نظام الدمار في الدوحة، وينكشف كذب أبواق المتحزبين أتباع تنظيمات السوء.
فتحرك الرجل الصالح بمبادرة، عبر بيان موجه إلى أهله في قطر، أبناء الأسرة الحاكمة والأعيان والوجهاء، أهل الحل والعقد، يدعوهم فيها للاجتماع والتباحث حول ما يمكن عمله لإعادة الأمور إلى نصابها، بعد أن اتجهت الأوضاع في قطر من السيئ إلى الأسوأ.