نون والقلم

قطر.. عندما يغيب العقل

عندما تخسر دولة 40 مليار دولار في شهرين فقط، وتفقد أسهماً 20 في المئة، ويبدأ صندوقها السيادي ببيع أصول بـ 40 مليار دولار هنا وهناك، ويرتفع التضخم في أسواقها لأعلى مستوياته، ويغادرها عشرات الآلاف، وتتحول فنادقها إلى أطلال، وتؤجر طائراتها لأنها لا تجد ركاباً، وما زالت تُكابر، وتُردّد أنها انتصرت على العزل، فهذه قمة النرجسية التي وصلت حدّ الجنون.

ألا يكفي قطر عشرات مليارات الدولارات التي أنفقتها حتى الآن على نزواتها في تمويل الإرهاب، ودعم المتطرفين، وإثارة الاضطرابات في الدول العربية، واللعب في الحدائق الخلفية والأمامية للدول الخليجية، والتدخل في شؤون دول تبعد عنها آلاف الأميال؟

 

ماذا فعل الشعب القطري لقيادته المؤتمنة على خيرات حباها الله بها، حتى تفعل به ما فعلته من إهدار لثرواته، ومدّخراته، على لعبة «لا ناقة له فيها ولا جمل»، وعلى هواية سخيفة مضرّة حتى للاعبيها؟

بعد أكثر من 100 يوم من عزلة قطر، لم نقرأ، أو نسمع أيّ تقرير دولي يفيد بأن الدوحة ستربح، أو أنها قادرة على الصمود من دون أن تدفع فاتورة مالية باهظة التكاليف، تستنفد مواردها ومدّخراتها ودخلها القادم.. فاتورة قد تقضي على نصف صندوقها السيادي المقدر بنحو 300 مليار دولار.

ألا تعلم القيادة القطرية بأن جميع وكالات الائتمان العالمية خفضت ملاءتها، وأن التخفيض المذكور شمل جميع مؤسساتها المالية، والمصرفية، وحتى النفطية منها. ألا تدرك أن تكلفة اقتراضها، والتأمين عليها ارتفع إلى حدود خطرة تشابه الدول المأزومة اقتصادياً؟

إذا أخذنا بنظرية أن المال لا يهم فهو كثير ويمكن تعويضه، لكن كيف ستستعيد سمعتها، وثقة المستثمرين بها، ومن سيعوّض المواطنين القطريين الذين تضرروا أشدّ الضرر، ومعهم المقيمون، وكم تحتاج من وقت إلى تعويضهم، هذا إذا كان لديها النية لذلك؟

 

هل تعرف الحكومة هناك، أن البنوك عندها في أزمة خانقة، لأن المقترضين توقفوا عن تسديد مديونياتهم، فدخلهم من الاستثمارات العقارية، والفندقية، والخدمية، لا يكفي حتى لتسديد فوائد القروض، لكون أشغالهم متعثرة بسبب العزلة التي جلبها لهم نظام الحمَدين؟

هل تدرك الدوحة أن الدول الأربع المكافحة للإرهاب، لم تتأثر اقتصادياً بقرار عزلها، وأن ثلاثاً منها تمتلك أكبر ثلاثة اقتصادات عربية، وأنها ماضية قدماً في معركة البناء والتطوير.. وأن أي يوم إضافي في تعنتها سيكبدها المليارات، ويؤخرها عن اللحاق بركب التطور؟

 

قطر ستعود إلى حضنها الخليجي والعربي عاجلاً، أم آجلاً، لأن هذا الحضن هو مكانها الطبيعي، وغير ذلك عبث، والأمل أن تكون العودة قريبة حتى لا تكون الخسائر كبيرة.

فقط الحكمة هي المطلوبة، فجادة الصواب معروفة، والوصول إليها سهل.

 نقلا عن صحيفة الخليج

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى