الوزير الذي أرسلته قطر لاجتماعات الجامعة العربية بالقاهرة قبل أيام، كان- والشهادة لله- «موفقاً» للغاية في الكشف عن الوجه القبيح لسياسة بلاده التي أودت بها إلى أزمتها الراهنة!
بوقاحة ليست جديدة على الخطاب الرسمي للنظام القطري على مدى عشرين عاماً تحدث الرجل، فقدم كل ما يؤكد أن الدول العربية الأربع كانت على حق حين اتخذت قرار المقاطعة، وحين تتمسك بتنفيذ كل ما تطلبه من إجراءات لتأمين بلادها من تآمر قطر وحلفائها من الدول والجماعات الإرهابية!
لم تكن الوقاحة جديدة في الخطاب القطري، لكن الجديد أنها تتم بعد أن سقطت الأقنعة وبعد أن ظهرت السياسة القطرية على حقيقتها، ولم يعد أمامها إلا ترديد المزيد من الأكاذيب التي لم يعد أحد يعرها أي اهتمام، ثم.. التردي في السقوط إلى حد التباهي بالارتماء في أحضان إيران «الشريفة» كما وصفها، ليؤكد للجميع أن جرائم النظام القطري لم تأت من فراغ، وأنه مع نظام «الملالى» الفارسي ومع جماعة الإرهاب الإخواني.. كلهم في الشرف- بمقاييس الدوحة- إخوان!
إيران «شريفة»- بمقاييس حكام الدوحة- لأنها تحتل جزر الإمارات، وتهدد أمن دول الخليج العربي، ولأنها دمرت العراق وسوريا، وتسعى لكي يكون اليمن مرتعاً لها.. ولأنها- قبل ذلك وبعده- تشعل نيران الفتنة الطائفية في الوطن العربي، وتحاول جر المسلمين إلى جحيم حروب الطوائف!
إيران «شريفة» بمقاييس حكام الدوحة، فهم يقاسمونهم نفس «الشرف» ويؤدون دورهم- بالتحالف مع الإخوان والدواعش- لاستكمال نفس المخطط، ولضرب استقرار دول الخليج والوطن العربي، ولهدم الدولة الوطنية العربية لكي تكون الفوضى هي البديل والشرق الأوسط الجديد هو الطريق!
إيران «شريفة» بمقاييس حكام الدوحة، فهي لم تتخل يوماً عن عدائها لكل ما هو عربي، ولأن عقيدتها الراسخة في أن تبسط نفوذها على دول الخليج العربي، وأن تضرب كل قوى عربية رئيسية قادرة على الوقوف ضد أطماعها التي تمتد لتصل إلى مياه البحر المتوسط من ناحية، والبحر الأحمر وباب المندب من ناحية أخرى.. ولا يجد حكام الدوحة في كل ذلك إلا تأكيداً لـ «شرف» إيران، فهم بلسان أحد الحمدين «حمد بن جاسم» قد أعلنها واضحة: إن العروبة وهم، وأن التخلي عنها شرط لتقدم المنطقة، وفي هذا يجتمع «الشرفاء» من حكام الدوحة وحكام طهران!
«حديث الشرف» الإيراني- القطري في اجتماع الجامعة العربية يكشف الكثير. يقول بوضوح إن الطريق واحد بين طهران من ناحية، وبين حكام الدوحة وحلفائهم من الإخوان الذين حوّلوا الدوحة إلى عاصمة لتآمرهم على دول الخليج والدول العربية والإسلامية، الكل شرفاء «بمقاييس الدوحة» ما داموا ينشرون الدمار ويحرضون على الفتنة ويمهدون الطريق لضرب كل قدرة عربية على مواجهة المخاطر.
و«حديث الشرف» الإيراني- القطري يؤكد أن حكام قطر ليسوا إلا «أدوات» في مخطط نشر الفوضى في الخليج والعالم العربي. والقصة هنا ليست عن أقزام يتطاولون بوقاحة أو يتوهمون بقدرتهم أن يحكموا المنطقة. وإنما القصة هي عن «دور» يؤدونه، وعن تآمرهم إحدى أدواته، وعن مخططات لإغراق المنطقة في الفوضى، وجرها إلى الحروب المذهبية، وتدمير دولها الأساسية لينفتح لطريق أمام «أصحاب المخططات الكبار» لكي يهيمنوا، وأمام العملاء من «الشرفاء!» لكي يأخذوا نصيبهم.. أو هكذا يتوهمون!
و«حديث الشرف» الإيراني- القطري يؤكد أمرين أساسيين:
الأمر الأول: أن قرار المقاطعة لم يأت من فراغ، بل كان النتيجة الحتمية لعشرين عاماً من تآمر «حكام الدوحة» على كل ما هو عربي، ورفضهم أي محاولة لوقف جرائمهم، أو لإنهاء تحالفهم مع كل أعداء الخليج والوطن العربي من «الشرفاء!» من الدول والجماعات الإرهابية.
والأمر الثاني: أن حكام «الدوحة» قد ساروا في طريق بلا عودة، تماماً كما فعلت جماعة «الإخوان» حين استولت على حكم مصر، وحين أصبحت قطر هي الممول لاستكمال مؤامرتهم، وحين فتحت الأبواب- في وقت واحد- أمام جماعات الإرهاب لتستوطن سيناء، وأمام أحمدي نجاد ليظهر في الأزهر الشريف.. بينما قادة الحرس الثوري الإيراني يرتبون مع قادة جماعة الإخوان لضرب أركان الدولة المصرية، تمهيداً لسيطرة هذا التحالف الشرير على مقاليد السلطة في الوطن العربي لتنفيذ خريطة جديدة يتحول فيها إلى شظايا بلا وطن، وبلا عروبة.. أو هكذا توهم «الشرفاء» بالمقاييس القطرية قبل أن تداهمهم العاصفة من مصر العربية في 30 يونيو، فتسقط الحكم الفاشي الإخواني، وتوقف المؤامرة على الوطن العربي، وتسقط الأقنعة عن كل هؤلاء «الشرفاء» بلا شرف.. إلا إذا كانت العمالة شرفاً يتوهم الصغار أنها سترفع شأنهم.
«حديث الشرف» القطري- الإيراني، يقول بوضوح إن حكام «الدوحة» مصممون على السير في طريق بلا رجعة مع «الشرفاء!» في طهران أو أنقرة، ومع «الشرفاء جداً» من الإخوان وباقي الجماعات الإرهابية.
فليذهب حكام «الدوحة» في طريقهم كما يشاءون، أو كما شاء لهم من يملكون تحديد وجهتهم.. لكننا ندرك الآن- وأكثر من أي وقت آخر- أننا كنا على حق حين أصدرنا قرار المقاطعة، وأننا على حق حين نصر على تنفيذ مطالبنا، وأننا- قبل هذا كله- على حق حين ندرك أن مهمتنا الآن هي استعادة قطر من قبضة هؤلاء «الشرفاء» في طهران أو في مراكز قيادة الجماعات الإرهابية الإخوانية.
ستعود قطر إلى عروبتها، وستعود العروبة لتقود قطر بعيداً عن «شرفاء» آخر زمن!