كيف تحتل المغرب المرتبة الثالثة في الدول العربية الموردة لإسرائيل بعد الأردن ومصر، في ظل القطيعة الدبلوماسية بينهما، وتأكيد الأولى دائمًا أنه لا يوجد أي وجه من أوجه التطبيع التجاري مع الكيان الصهيوني؟.
سؤال أجاب عنه المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء، بالأرقام والنسب الدقيقة ليكشف لنا عن أن التعامل التجاري بين البلدين لا يسير في طريق قطع العلاقات بشكل تام كما تدعي المغرب، فالجسر الاقتصادي بينهما يسير في طريق واضح رسمه الإثنان لكن بطريقة سرية من جانب الشقيقة العربية، بينما فضحتها الصهيونية وكشفت عن علاقتهما التجارية بالأرقام.
قوائم الصادرات والواردات بينهما حقيقة مترجَمة بأطنان من السلع التي تدخل وتخرج من المغرب وإسرائيل، وأصفار عدة خلف أرقام معاملات مالية ضخمة، ترفض دائمًا المغرب الإفصاح عنها وتؤكد أنه لايوجد مبادلات بينما تنفي الأخرى ذلك.
فالحجم الإجمالي للمبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل، تضاعف خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، إذ انتقلت المعاملات التجارية من 10,9 مليون دولار في يناير 2014 إلى أكثر من 21 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الحالي.
وحسب المعطيات التي أفرج عنها المركزي الإسرائيلي للإحصاء، فإن التبادل التجاري ما بين البلدين في تحسن مستمر ويعيش أزهى عصوره في ظل القطيعة الدبلوماسية، إذ أن الصادرات المغربية إلى إسرائيل تضاعفت ما بين يناير ويونيو 2015، فانتقلت من 4,1 مليون دولار خلال العام الماضي إلى 8,2 مليون دولار خلال العام الجاري، وارتفعت أيضًا واردات المغرب من إسرائيل، إذ انتقلت من 6,8 مليون دولار إلى 13,6 مليون دولار في يونيو الماضي.
وحسب المصدر نفسه، فإن المبادلات التجارية ما بين البلدين عرفت ارتفاعًا كبيرًا في يوليوز الماضي، إذ وصلت قيمتها إلى ثلاثة ملايين دولار مقابل 400 ألف دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
الحقوقي المغربي المناهض للتطبيع مع إسرائيل، سيون أسيدون، أكد أن هذه الأرقام والمعطيات ماهي إلا “القطعة التي تخفي جبل الجليد”، موضحًا بأن العديد من الشركات المغربية والإسرائيلية تلجأ إلى وكلاء في أوروبا من أجل تمرير السلع بين البلدين حتى لا تحمل علامة تجارية إسرائيلية، مستغلين مرور جميع السلع والبضائع عبر موانئ ومطارات أوروبية لأنه في الأصل لا توجد خطوط بحرية أو جوية مباشرة بين الطرفين.
وأضاف أسيدون، أن العديد من الشركات المغربية “تخاف من الفضيحة”؛ لذلك فهي تلجأ إلى شركات أوروبية، هذه الأخيرة هي التي تقوم باستقدام السلعة من إسرائيل قبل أن تقوم بإعادة بيعها للشركات المغربية وإدخالها إلى الأسواق المغربية، وفي المقابل، هناك شركات تلجأ إلى التعامل مباشرة مع شركات إسرائيلية، حسب ما كشف عنه أسيدون، متسائلا عن الطريقة التي تمر بها هذه السلع عبر الجمارك المغربية، رغم أنها تحمل علامة تجارية إسرائيلية.
وأوضح أسيدون، أن الأرقام المعلنة حول التجارة بين البلدين، هي أرقام صغيرة مقارنة مع ما يحدث في الواقع، مشيرًا إلى أنه بعد أن تجاوز المجتمع المغربي حالة الغضب التي انتابته خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عادت الشركات المغربية لكي تسرع من وتيرة تعاملها مع إسرائيل”.
المغرب التي يعلو صوتها دائمًا بأنه لا يوجد أي مبادلات تجارية مع إسرائيل، تورد للثانية السمك، وزيت الزيتون، والتوابل والعطور المصنعة محليًا، فهذه المنتجات شكلت 20 بالمائة من مجموع ما صدرته المملكة إلى إسرائيل.
وتستورد إسرائيل دائمًا من المغرب، أطنانا من المواد الأولية والمنتجات الطبيعية الغذائية واللحوم والخضروات والفواكه، إلى جانب الأشجار والمغروسات، ولأن المشروبات الكحولية والجعة، وخاصة النبيذ المغربي، يعد ماركة عالمية مسجلة، فإن إسرائيل تستورد منه كميات بمبالغ هائلة سنويًا.
ويستورد المغرب من إسرائيل منتجات مُصنَّعة، مثل المطاط والبلاستيك ومستحضرات التجميل والمواد الغذائية والبسكويت ومواد الصباغة والمصنوعات الجلدية والخشبية والجبسية والزجاجية والألومينيون وسيارات وقطع غيارها والنظارات وأدوات قياس البصر والمعدات الطبية والسجاد والأغطية والقماش.
ويتجلى السبق الإسرائيلي على المغرب في التعامل التجاري بين البلدين، أيضا، في تفرد إسرائيل بتصدير مواد ثمينة، كالأحجار الكريمة والألماس والمجوهرات الفاخرة، إلى جانب الساعات الفاخرة، الأثاث، التحف الفنية الإسرائيلية.