انطلق موسم الهجوم على مصر.. هذا الموسم الذى يكون مرتين فى العام مع انطلاق اجتماعات المجلس الدولى لحقوق الإنسان.. الكل يبادر بإصدار تقارير حول الأوضاع فى بلاد العالم.. وتحول هذا الموسم لموسم المكايدة السياسية بين الدول وإلى من يكسب أكبر قدر من الشو الإعلامى ومن يربح أكثر فى تجريس الآخر من أعدائه.
وهذه الاجتماعات معروف توقيتاتها جيداً للجميع وللعاملين فى مجال حقوق الإنسان سواء على مستوى الحكومات أو على مستوى المجتمع المدنى ومن أجل هذا لم أستغرب من صدور تقارير منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية عن مصر وعن البحرين وعن التحالف العربى المساند للشرعية في اليمن.
وكذلك تقرير اللجنة المعنية بمناهضة التعذيب فى الأمم المتحدة، الذى اعتمد فى التحقيق على منظمات معروفة بانحيازها لجماعات سياسية ودول، وإذا أضفنا ما ورد فى تقرير المفوض السامى لحقوق الإنسان حول مصر واليمن والبحرين، فهذه المواقف ليست مواقف حقوقية ولكنها مواقف سياسية بامتياز ورغم هذا فشلنا فى الرد على هذه التقارير وفشلنا حتى الآن فى التصدى لمن يحرك هؤلاء رغم أنه معروف للجميع. كما أن الرد المهنى والاحترافى سهل فليس ما تم فى لجنة حقوق الإنسان فى البرلمان اسمه رد ولا بيان الخارجية المصرية اسمه رد فالردان وما طرح فى وسائل الإعلام هو محاولة للشوشرة على التقارير الثلاثة على مصر.
الرد على تقارير مثل هذه المنظمات يحتاج أولاً قراءة متأنية لهذه التقارير ويحتاج إلى توفير المعلومات حول ما جاء فى التقارير الثلاثة ويحتاج إلى مهنيين وخبراء لهم مصداقية محلية ودولية لإعداد الردود وترجمتها ونشرها على نطاق واسع.
فالمنظمات الدولية لا تلقى بالاً بالردود الحكومية التى تتضمن كلاماً حول أن الدستور والقانون يحميان حقوق الإنسان ونفى عام لكل ما جاء فى التقرير فكل دساتير العالم تحمى الحقوق والحريات، ولكن الواقع يكون مختلفاً فالرد يجب أن يتم على كل حالة وردت فى التقارير خاصة أن هذه الحالات كلها موجودة داخل مصر وليس خارجها ويتم من خلال شهادات حية للذين ادعت المنظمات أنهم تعرضوا للتعذيب أو تم إخفاؤهم قسريا وغيرها من الادعاءات.
والرد يجب أن نوضح كل تهمة متهم فيها هؤلاء أيضا فالتقارير تقول إن لدينا أكثر من 60 صحفياً مقبوضاً عليهم بسبب آرائهم فى حين أن هؤلاء مقبوض عليهم فى تهم تتعلق بدعم والمشاركة فى عمليات إرهابية والتحريض على العنف والفتنة وهى جرائم تخرج من نطاق المادة 19 فى العهد الدولى للحقوق السياسية والمدنية إلى نطاق المادة 20 التى تجرم كل هذا.
فقانون الجمعيات الجديد جعل المنظمات الوطنية المصرية التى تتمتع بسمعة ومهنية وغير منحازة سواء لتيارات سياسية أو للحكومة تتوقف عن ممارسة عملها خاصة أن المسئولين فى الدولة ينظرون إلى القائمين على مؤسسات حقوق الإنسان على أنهم خونة وينظرون للقائمين على الجمعيات الخيرية أنهم لصوص مال عام، فكلا الطرفين كان يعمل من أجل تحسين سمعة الوطن فى الخارج وإحداث تنمية فى الداخل، لكن القانون أصاب الجميع بالإحباط حتى المؤسسات المحسوبة على الدولة.
فالمثل يقول: «لا يفل الحديد إلا الحديد» وهو ما ينطبق فى حالة الرد على التقارير الدولية خاصة أن المنظمات غير الحكومية لا تعتمد تقارير الحكومات، والدبلوماسيون المصريون فى المنظمات الدولية يعملون مثل الموظفين دورهم تسجيل موقف فقط لا غير وليس البحث والتحرى حول ما يدور فى الكواليس.
يجب أن نعيد تقييمنا للعمل مع المنظمات الدولية بوجه عام سواء التابعة للأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية ويجب أن ندعم المجتمع المدنى بكل قوة وتخفيف القيود على حركته ليكون هو الدرع الواقية الأول للدولة وشعب مصر.