اخترنا لكنون والقلم

عقل العقل يكتب: انتهت سياسة « حب الخشوم »

خلال فترة الساعتين التي أعلن فيها تلقي ولي العهد السعودي مكالمة من أمير قطر الشيخ تميم، والتي أكد فيها رغبة بلاده في الجلوس على طاولة الحوار لمناقشة مطالب الدول الأربع.

كان لافتاً ومن رسائل وسائل التواصل الاجتماعي، وبخاصة «واتساب» التي تلقيت بعضها من بعض الأصدقاء، أن المشكلة حلت تماماً، وعلى طريقة وسياسة «حب الخشوم»، التي اعتدنا عليها في حل بعض الخلافات الخليجية – الخليجية، في الفترات الماضية، والتي أثبتت فشلها، بل إن بعض الدول تستغلها، ومنها قطر، معوّلة على حكمة ومكانة بعض زعماء المنطقة، ولكن النتائج كانت كارثية، إذ إن أصل المشكلة بقي كما هو، بل إن قطر مثلاً متى أحست بأن موقفها ضعيف تلجأ إلى هذه السياسة، التي تتسم بالعاطفة وتتداخل بعادات اجتماعية وثقافية لأهل منطقة الخليج.

فهذه العادة الاجتماعية تكون ناجعة لحل مشكلة قبلية أو أسرية، أو نشاهدها أكثر في مجالنا الرياضي، ولكن مصالح الدول واستقرارها وحماية أمنها الداخلي يجب ألا يرتهن بسياسة «حب الخشوم» وعفا الله عما سلف، فالواقع يبرهن أن المشكلة التي لا تتعاطى معها أطراف الخلاف بوصفها مؤسسات دولة توثق بالاتفاقات، ويكون لها رعاة ضامنون إقليمياً ودولياً، فهي لا بد أن تعود مرة أخرى بكثير من الصفاقة والخطورة على من صدّق نية الطرف الذي استغل الجوانب العاطفية في تلك الاتفاقات، بل إنه يدفع بعض الأطراف إلى الاستمراء في استغلال طيبة بعض الزعامات وعواطفها الجياشة في مفهوم لم الشمل.

على النظام القطري أن يعرف أن مثل هذه السياسة ولت إلى غير رجعة، وأن الحل ليس بمكالمة هاتفية، ولكن الأهم هو ما يتم الاتفاق عليه من خريطة طريق لحل الأزمة يكون الصدق والثقة هو أساسها الرئيس، وليس استغلال مثل هذه الخطوات في تحقيق نقاط نصر أو تنازل لهذا الطرف أو ذاك، كما تحاول الدوحة أن توظف مثل هذه المكالمات، التي باعتقادي أتت بعد الموقف الثابت من الدول الأربع والتي عبر عنها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بأن الأزمة مع قطر قد تستمر سنوات.

مثل هذه الرسالة دفعت الدوحة إلى هذه الخطوة على رغم أنها كانت تصر على أنه لا جلوس إلى طاولة الحوار قبل رفع المقاطعة عنها، كما تدعي، فاستدعاء قوات تركية إلى قطر، وعودة السفير القطري إلي طهران، أو محاولة تسييس الحج، التي فشلت، وكان لها انعكاسات سلبية على الحكومة القطرية في الداخل ومحيطها الخليجي والعربي، تلك الإجراءات لم تجد في زعزعة ثبات الدول الأربع على موقفها ومطالبها، وهذا باعتقادي سر الأزمة لدى صانع القرار القطري، بغض النظر عمن يقرره، هل هو الشيخ تميم أم الحرس القديم، أم جماعة الإخوان؟

لست هنا ألقي اللوم على قيادات خليجية رحلت إلى ربها، وبعضها مازال على قيد الحياة، ولكن من تقع عليه المسؤولية هو من وقع الاتفاقات والمواثيق في الرياض عام 2014 ونكث واستمر في مخططاته الغريبة، التي يرى بعضهم أنها تأتي في مخطط أوسع له امتداد دولي، لخلق شرق أوسط جديد في النهاية يرمي إلى إدخال دول الخليج في صراعات وحروب، كما حدث في بعض الدول العربية.

«سياسة حب الخشوم» تكون ناجعة في معالجة قضايا الزواج والطلاق والديون المالية وغير ذلك من القضايا بين الأفراد، ولكن مصالح الدول يجب أن تبنى على الأدلة والبراهين والمطالب الواضحة، بعيداً عن العواطف الجياشة، كي لا تتكرر الخلافات السياسة في شكل أكبر، وهو للأسف ما تستغله قطر وغيرها من الأنظمة في منطقتنا.

نقلا عن صحيفة الحياة

أخبار ذات صلة

Back to top button