لم تعد الدبلوماسية الحل الأفضل للأزمات في المنطقة، وحتى الحوار دون شروط لا يؤدي إلى نتيجة، إنه مضيعة للوقت.
عندما تكون هناك أزمة فهذا يعني وجود أسباب، فإذا وصلت الأزمة إلى ذروتها، وانتقلت من دهاليز الاتصالات عبر القنوات الدبلوماسية، وتم تداولها إعلامياً، فالمؤكد أن طرفاً قد يئس من الخيارات المتاحة، وأحس بالخطر من أفعال وممارسات الطرف الآخر.
فإذا كشفت الخفايا لا تنفع الوساطات التي غالباً ما تشغل نفسها بجمع الطرفين على طاولات فاخرة في فنادق خمس نجوم، دون اعتراف بخطأ أو التزام بعدم تكراره، فظهرت عبارة «دون شروط مسبقة»، وهي عبارة فاشلة ومفشلة، ولنا في مفاوضات المئة يوم بين الأطراف اليمنية بالكويت خير مثال.
كل ما سبق ينطبق على قطر اللعوبة المتلاعبة، خاصة بعد «سواد وجهها»، وانكشاف المدى الذي وصلت إليه من التحريف في الأقوال والمواقف مساء أول من أمس، ومع ذلك حديثي هذا أقصد به إيران، فالوضع مع قطر غير ثابت، يتطور إيجابياً في لحظة، وينتكس في لحظة أخرى.
والأفضل أن نؤجل الخوض في آخر التطورات حتى تتبلور الأمور، ونرى إلى أين سيأخذ «عزمي» سفينة «تميم» المصابة بدوار البحر، ونعود إلى إيران التي تردد منذ أيام بأن هناك اتصالات بينها وبين السعودية، وقد رد الوزير الجبير بشكل حاسم على هذه الادعاءات، وقال إنها مضحكة، وهي كذلك، إذ تبين أن الإيرانيين هم الذين روجوا الخبر على لسان أحد مسؤوليهم، وسوّقت قطر ذلك الخبر.
دولنا واضحة في مواقفها، وفي مطالبها، وكما اشترطت على داعمي الإرهاب في الدوحة 13 بنداً يجب الموافقة عليها مسبقاً، ستشترط على إيران بنود أي خطوة تفاوض مستقبلية، فإيران عليها استحقاقات لا بد أن تؤديها، ولم تنفع معها المشاورات الجانبية، ولم تحترم تصريحات قادتها بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.
ولم تلتزم بتعهداتها السرية بوقف تهريب السلاح ودعم الجماعات الإرهابية في المنطقة، فإن كانت لديها رغبة في إنهاء حالة التوتر التي أحدثتها فالدرب واضح، كما قال قادتنا لجماعة حمد بن خليفة، لا يتوه عنه عاقل حسن النية، وأولى علاماته الموافقة العلنية على الشروط، وبعدها ينظر في التفاصيل والإجراءات والآليات لضمان التنفيذ الفاعل للالتزامات.
حوار الطرشان لا يحل الأزمات.