لم ترغب الإمارات يوماً في الحرب ولم تطلبها، لأنها دولة تحترم استقلال وسيادة مختلف الدول في العالم، لكن الحرب فرضت عليها فلم تجد بداً من الدفاع عن نفسها ضد خطر يتربص بمستقبلها وبوجود المنطقة كلها، وهو يتخذ من أرض اليمن الشقيق مقراً ومنطلقاً له. ولم يكن بوسع الإمارات ودول التحالف العربي الانتظار ليصبح هذا الخطر على حدودها مباشرة، وعند ذلك ستكون المشكلة الكبرى، لذلك كان القرار الحكيم الذي اتخذته القيادة هو قتاله في عقر داره، فالهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع. وفي مختلف الحروب يسقط الشهداء، فلا توجد، في التاريخ، حرب نظيفة. فكيف بحرب ضروس مثل هذه التي ستقرر مصير ومستقبل المنطقة بكاملها. إن الحرب ضد جماعة الحوثي ليست حرباً بسيطة وسهلة، لأن هؤلاء لا يقاتلون لوحدهم، بل هناك دول تدعمهم. ونحن أمام مشروع معادٍ يستهدف وجود المنطقة واستقلالها، ولا خيار لنا سوى الصبر والقتال، والشهداء الذين سقطوا على أرض اليمن هم مشاعل نور لنا وبهم سيبزغ فجر النصر.
إن الإمارات تعمل في إطار التحالف العربي لإعادة الشرعية إلى اليمن وتخليصه من جماعة الحوثي، وهذا التحالف يلقى مباركة وترحيباً كاملاً من المجتمع الدولي الذي يسعى إلى تحقيق الاستقرار في اليمن وإعادة بناء الدولة فيه. وهناك قرار أصدره مجلس الأمن الدولي بتاريخ 14 إبريل 2015 يحمل الرقم 2216 وينص على مطالبة جميع الأطراف اليمنية، لا سيما الحوثيين بالامتناع عن اتخاذ المزيد من الإجراءات الأحادية التي يمكن أن تقوض عملية الانتقال السياسي في اليمن كما يطالبهم بالقيام فورا، دون قيد أو شرط ، بالكف عن استخدام العنف، وسحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها بما في ذلك العاصمة صنعاء، والتخلي عن جميع الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية بما في ذلك منظومات القذائف، والتوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية، والامتناع عن الإتيان بأي استفزازات أو تهديدات للدول المجاورة. كما نص القرار على دعوة جميع الأطراف اليمنية لا سيما الحوثيين إلى الالتزام بمبادرة مجلس التعاون الخليجي ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن وتسريع المفاوضات للتوصل إلى حل توافقي والتنفيذ الكامل للاتفاقات المبرمة والالتزامات التي تم التعهد بها لبلوغ هذا الهدف والتعجيل بوقف العنف.
إن رفض جماعة الحوثي تطبيق هذا القرار هو الذي دفع دول التحالف العربي إلى التدخل وحسم الأمر عسكرياً، فالحق بحاجة إلى قوة تحميه، لكن إن عادت جماعة الحوثي إلى رشدها ووافقت على قرار مجلس الأمن وقبلت بمخرجات الحوار الوطني اليمني وبمبادرة مجلس التعاون، فإن الحرب سوف تنتهي، لكن يبدو أن القرار ليس بيد هذه الجماعة، ولذلك علينا أن نجهز أنفسنا لحرب قد تطول، وعلينا أن لا نبخل بالدماء في سبيل عزة الوطن الذي أعطانا الكثير، على مدى السنين الطويلة الماضية، وهو يستحق منا الآن أن نقدم له وأن نرد بعضاً مما قدمه لنا. إنه يستحق أن يبقى شامخ الراية، عزيز الجانب، وأن يبقى موئلاً للعروبة. ولا بد لليل أن ينجلي، ولا بد للحق أن ينتصر، وكما قيل، النصر صبر ساعة، وقد أنعم الله علينا بهذه القيادة الرشيدة التي تسير على دروب الحكمة وتتحرى مصالح الوطن في كل أعمالها وقراراتها. حفظ الله الإمارات، قيادة وشعباً. وبإذن الله النصر حليفنا لأننا أصحاب حق وأصحاب قضية.
نقلا عن صحيفة الخليج الإماراتية