ليس العالم في مأمن خلال العقدين القادمين، هذا ما أشعر به حينما أرى ما يحدث في الشرق الأوسط من جهة، وفِي الشرق الأقصى من جهة أخرى، فالحمقى الذين يقودون العالم سيضغطون الزر كي ينتهي كل شيء، هؤلاء الذين يؤججون الصراع ويذكون ناره باستمرار، خصوصًا الزعيم الكوري كيم جونغ أون الذي يجري التجارب النووية باستمرار، بطريقة مستفزة لجيرانه كوريا الجنوبية واليابان وغيرهما من دول السلام والتنمية الاقتصادية في الشرق الآسيوي.
فقبل بضعة أيام حدثت هزات عنيفة يشتبه أن تكون ناجمة عن تجارب نووية في كوريا الشمالية، بلغت قوتها أكثر من عشر مرات من قوة آخر تجربة نووية قامت بها هذه الدولة المتهورة قبل عام، كما أطلقت صاروخًا فوق اليابان في خطوة وصفها رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي بأنها تهديد «غير مسبوق» لبلاده.
هذا الأمر الاستفزازي الذي جعل دولة مسالمة ككوريا الجنوبية، تتحفز وتستعد لاختبار صواريخ بالستية جديدة، بينما اليابان تحث الولايات المتحدة على التقدم لمجلس الأمن، والمطالبة بفرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية، وربما معها الصين، وهذا النزاع الخطير في الشرق الأقصى من آسيا يشير إلى أن هذه القارة في حالة تأهب لخوض حرب أو صراع يؤدي إلى حرب نووية تأكل الأخضر واليابس، وتلتهم العباد والجماد.
أحيانًا أفكر، ماذا يريد هؤلاء، ومَن يحركهم؟ هل هو استعراض قوة فحسب، أم أطماع إقليمية وسعي إلى الهيمنة على الدول المجاورة، كما يحدث أيضًا من إيران في العالم العربي؟ هل الأمر أكبر من ذلك؟ هل هناك ما يُدار في الخفاء لهذا العالم؟ هل كوريا الشمالية أداة لإشاعة الفوضى في الشرق الأقصى (كما إيران في الشرق الأوسط)؟ وهل الدكتاتور الكوري – كغيره – ينفذ أجندة ما، من قِبل دول عظمى؟
مَن يقرأ في التاريخ القريب، على الأقل في القرن الماضي، يُدرك أن ثمة خططًا استراتيجية تقودها الدول العظمى، خطط مكونة من عدة سيناريوهات مختلفة، كلما فشل أحدها في الوصول إلى الهدف تم تغييره فورًا بالسيناريو الآخر، وهكذا، لكن ذلك الهدف لن يتحقق إلا بالمزيد من الفوضى والعبث في تكوين العالم واستقراره، بل والمزيد من الضحايا والكوارث والأمراض، والعودة بالإنسان إلى أزمنة ما قبل العصر الرقمي!
ماذا يفعل هؤلاء في الظل؟ إلى أين يسيرون بالسلام والطمأنينة؟ إلى أين يمضي العالم؟ هي أسئلة تثيرها مخاوف أي إنسان يتابع ما يحدث من حوله بصمت وريبة.