اخترنا لكنون والقلم

« قطر » عندما يصبح العقم السياسي اختيارًا..!

الكثير منا يتساءل حول الأزمة القطرية إلى أين تذهب هذه الأزمة في ظل ظاهرة إعلامية وسياسية أفرزت لنا طابعاً مختلفاً وغريباً، لذلك كان وما زال التحدي الأكبر يتمثل في رفض دول الخليج الثلاث أن يتعرض الشعب االقطري إلى الأذى أو الضرر، دول الخليج تعلم بكل دقة أن الأزمة مع قطر يجب أن تنتهي إلى الحل وبسرعة، ولكن ذلك متوقف على عودة النظام في قطر إلى التعاطي الواقعي سياسياً.

التوقعات وفقاً للمنطق السياسي ومتطلبات النظام العالمي الجديد تشير إلى أن نهاية الأزمة القطرية لن تكون سوى في الإطار الخليجي أولاً، كما لن تكون إلا بزوال كل المكونات السياسية والفكرية والثقافية التي عملت على إنتاج هذا النظام السياسي المصاب بالعقم..

لا أحد يشك في أن قطر كانت جزءاً من مشروع سياسي خطير على قطر وعلى المنطقة، فعندما يجتمع على أرض قطر مجموعات من الثوريين والإرهابيين ومعتنقي الإسلام السياسي في ظل نظام سياسي شكلت طموحاته منعطفاً أكبر بكثير من إمكاناته، لذلك فالحقيقية التي يجب أن نقولها اليوم إن كل ما ترونه اليوم من مسارات سياسية وإعلامية تنتقد السياسة القطرية هي ليست سوى نصائح واقعية لهذا النظام.

السؤال المهم اليوم يقول إلى متى سوف يكون العقم السياسي خياراً وحيدًا للنظام في قطر..؟ في ظل حقيقة سياسية دولية تقول: إن حل الأزمة القطرية لم ولن يكون خارج إطار مجلس التعاون، فالنظام العالمي السياسي يدرك بكل واقعية أن قطر جزء من منظومة خليجية لايمكنها العيش خارج هذه المنظومة، وكل الضخ الإعلامي الذي تمارسة الدوحة ومحاولة تصوير أنشطتها السياسية على أنها جهد في مرثون المظلومية والحل السياسي للأزمة مع دول الخليج كل ذلك في حقيقته هباء منثور في ظل تعاطي إدراك العالم حقيقة قطر «الدولة المدينة» الجغرافية والسياسية والتاريخية.

قطر التي أصيبت بالعقم السياسي ليس من اليوم بل منذ عقدين من الزمن حاولت أن تنجب بطموحات غير واقعية، عبر سياساتها العقيمة التي زرعتها خارج الرحم الخليجي، ورغم صبر الخليج على هذا العقم السياسي لفترة ليست بالقصيرة، إلا أن النظام في قطر لم يرغب في تدارك هذا الخطأ الإستراتيجي فما انتجته قطر في محاولتها الإنجاب السياسي خارج الإطار الخليجي مغامرة سياسية صنعت (خداجاً) مصاباً بكل ما نعرفة من الأمراض السياسية.

قطر اختارت أن تعزل نفسها عن الخليج منذ أكثر من عقدين من الزمن كونها أصيبت «بتوحد سياسي» وكانت تخطط أن تغير قوانين الطبيعة الكونية عبر نظرية “المدينة الدولة”، وقد تطلب منها ذلك اللجوء إلى فئات سياسية ومنهجيات إستراتيجية تشاركها عدم الواقعية في رسم المستقبل السياسي، وقد حصلت على ذلك من خلال تصوراتها أن الفوضى السياسية في العالم العربي سوف توفر لها فريسة جغرافية وتاريخية تستولي عليها، فهل النظام في قطر يدرك أن السياسة الدولية اليوم تصحح أخطاءها بشكل تلقائي وعلى رأسها سياسات الدوحة.

ما نشهده اليوم هو جزء من تصحيح النظام الدولي لتلك الأخطاء والطفرات السياسية التي كانت تتخذ من الدوحة مركزًا جرثوميًا لها، وبالملاحظة الدقيقية نستطيع أن نقول: إن كل الذين راهنوا على قطر انكشفت مشروعاتهم ورفضهم النظام العالمي بأكمله، سواء كانت مشروعات سياسية إستراتيجية «الفوضى الخلاقة» أو مشروعات أيديولوجية «الإسلام السياسي والخلافة» أو مشروعات اجتماعية وثقافية «الجزيرة ونشاطات التغيير الأكاديمية».

في الحقيقة إنه يمكن علاج العقم السياسي القطري، عبر النظرية السياسية الواقعية، ولكن ذلك يتطلب دقة تغيير جذري في كل الأدوات والمعطيات البشرية وغيرها التي عملت على تشكيل السياسة القطرية خلال العقدين الماضيين، التوقعات وفقاً للمنطق السياسي ومتطلبات النظام العالمي الجديد تشير إلى أن نهاية الأزمة القطرية لن تكون سوى في الإطار الخليجي أولاً، كما لن تكون إلا بزوال كل المكونات السياسية والفكرية والثقافية التي عملت على إنتاج هذا النظام السياسي المصاب بالعقم.

نقلا عن صحيفة الرياض

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى