قطر هي الأرض والمواطن، لا النظام أو الحكومة، هي الباقية يتوارث الحياة فيها الأجيال جيلاً بعد جيل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، أما الأفراد في النظام والحكومة، وحيثما كان أي إنسان في موقع المسؤولية فلن يكونوا معمرين فيها إلى الأبد، ولهذا فنحن نراهن على المواطن القطري في حفظ الأمانة للخلف القادم كما تسلمها من السلف، وعدم القبول بأي تفريط يقدم عليه النظام لجعل قطر خارج الاحتفاظ بالحق للأجيال القادمة، لأن هذا التفريط الذي بدأ نظام تميم يرسم خطوطه الأولى، بأنانية لا يراعي فيه سوى المصلحة المؤقتة للنظام، دون اهتمام بالوطن والمواطن، بما يظهر لنا على أننا أمام نظام معاق، لا يحسن التصرف، ومن هنا كان رهاننا على المواطن القطري بعدم قبوله بمثل هذه السياسات.
* *
ولأننا نحب قطر، ونحتفظ لمواطنيها في قلوبنا وأحداق عيوننا بأصدق المشاعر الأخوية الصادقة، ونجد في هذا العيد ما يرسخ تواصلنا معهم، قلنا ونقول لهم ما نعتقد أنه ينبههم إلى خطورة تسارع خطوات نظام تميم في بيع قطر إلى أعداء قطر نكاية بالدول الشقيقة التي (فرملت!) لإرهاب النظام وتسلطه على مصالح دولتنا، وضيقت عليه فرص تماديه بالتحريض والعنف والتطرف ضد مصالح دولنا وشعوبنا، ما يعني أن مسؤولية المواطن تتجاوز الصمت أو عدم المبالاة بما يجري إلى تحملها بوصفه المتضرر الأكبر من نزوات النظام.
* *
حبنا لقطر مصدره التاريخ المشترك، والمصاهرة، والنسب، والأرومة، والمصالح المشتركة، وهذا الحب لا يلغيه نظام لا يعبأ به، ولا يهمشه قرار أو تصرف أو عمل غير مسؤول، ولا يبعد المسافة بينه وبين المواطنين في كل من قطر ودول مجلس التعاون شراكة قطرية إيرانية، ولا يحول دون استمراره وتجذره مؤامرات قطرية بدعم إيراني ضد دولنا، فحب قطر ليس خياراً مؤقتاً أو مصطنعاً، أو أن مصدره مصالح وأهداف تزول بانتفاء وجود هذه المصالح أو تلك الأهداف، فنحن، وإن جاء من يعكر صفو العلاقات فجذور الحب الذي تجمعنا لا يمكن اقتلاعها بقرار يصدر من نظام، فمثل ذلك يعمّق الصلة، ويجعلنا أكثر تمسكاً بعضنا ببعض، وأقرب إلى مواجهة ذلك بالحب الذي ورثناه أباً عن جد.
* *
تحاول إيران أن تكون حائلاً دون تواصل هذا الحب بين قطر وأشقائها، وتعمل على إيجاد فجوات في العلاقة القطرية بدول الخليج العربية، ضمن مخطط التوسع الذي ترى في قطر المكان المناسب للعبور منه، ما جعل الاختراق الإيراني لقطر يشكل تهديداً لمنظومة دول مجلس التعاون، في أمنها واستقرارها، ومساساً بمصالحها وإرثها في الحب الذي تحاول أن تقوضه بتآمر إيران على قطر أولاً وصولاً إلى دول عربية أخرى في الخليج العربي، ومن ثم التمكن من الإمساك ببعض المفاتيح التي تجعل دولنا في حالة من عدم الاستقرار، ضمن مشروع التوسع الخطير الذي تقوده إيران لبناء الإمبراطورية الفارسية، اعتماداً على تعاون نظام تميم معها على ذلك.
* *
هذه أحلام إيران التوسعية التي لن تتحقق وفينا رجل ينبض قلبه بالحب لهذه الأراضي الطيبة، أردنا أن نشير إليها من باب التفاعل بألم مع ما نراه من هروب قطري يتبناه ويقوده نظام تميم للابتعاد عن الأشقاء والارتماء في أحضان إيران، والتخلي عن خاصية الحب التي جمعتنا بقطر على مدى قرون من الزمن، ونركز عليها الآن لنقول لنظام تميم ولدولة الفرس، إن علاقة مواطني قطر بأشقائهم ليست محكومة بقرار من النظام القطري، وحب مواطني قطر أو كرههم لا يأتيان أو يغيبان بموقف من النظام في قطر، أو إشارة من نظام ولاية الفقيه في طهران، فالقرار الأصيل المؤثر هو في موقف المواطن القطري الذي لاحظنا رفضه للتبعية مع إيران، وإصراره على أن يبقى جزءاً في الجسم العربي الخليجي، معارضاً بذلك لتوجه نظام تميم في تبعيته لإيران.
* *
الحب لأهلنا في قطر لا يأتي ولا يُلغى بقرار، ولا يؤخذ الإذن به أو الموافقة عليه بقرار من نظام أو سلطة، وليس عابراً أو هامشياً فيزول عند أي حدث عارض، أو موقف طارئ، إنه جزء من علاقاتنا التاريخية والإنسانية المتجذرة في أعماقنا، لهذا، فالمحاولات للفصل بين علاقة قطر مع أشقائها، وإذابة الحب في هذه العلاقة، هي كمن يحرث في البحر، أو يكتب على الماء، لا أثر لها في تغيير هذه العلاقات، فالخلاف هو مع النظام القطري، لا مع المواطن القطري، فنحن نحب قطر، الأهل والأرض والتاريخ المشترك، ونحن مع قطر على خط واحد، بالحب ندافع معاً عن مصالحنا، ونذود به أمام تلك المؤامرات التي تحاك ضدنا، ونحن يداً بيد وكتفاً بكتف، أقوى من شيطنة نظام تميم ونظام دولة الفرس.
* *
وعندما نقول لقطر نحبُّكِ، ونرسل حبنا إلى أهلنا هناك، نشاركهم بذلك في العيد، ونتألم لألمهم من موقف النظام القطري، فنحن نؤصل هذا الحب في زمن التحديات، ونرسخه بأكثر مما هو عليه، في مواجهة المؤامرة الكبرى التي يقودها النظامان في الدوحة وطهران ضد دولنا، وقدرنا على امتداد التاريخ أن نكون هكذا، وأن نكون على موعد مع هزيمة المتآمرين علينا، فنحن على حق، وفي الطريق الصحيح، ولن يثنينا عن تمسكنا بوشائج القربى والحب الذي لا نقبل بغيره مع قطر، ولا نسمح بالمساس به.
* *
الحب لقطر إحساس ومشاعر وعواطف لا تقصيها مواقف النظام، فهي متأصلة ومتجذرة ومكانها في العمق، وهو شعور متبادل بين مواطني قطر ومواطني دول مجلس التعاون، وقد فرضته القواسم المشتركة بين هذه الأمة التي ارتبطت والتحمت مع بعضها، وواجهنا معاً كل التحديات، متعاونين ومتكاتفين على امتداد التاريخ، بروح من المسؤولية، واستيعاب للمستجدات، وفهم لما هو مطلوب، مواطنون لا يرتهنون لعدو، ولا يفرطون بحقوق، الشعور واحد، والمصلحة لا تتجزأ، ومن هنا بقي الحب يسود الأجواء، ويستمد قوته مع كل حدث غريب، أو حين تعرض أي دولة لما يسيء إليها، فهنا يَهُبْ الجميع، يداً بيد وكتفاً بكتف في مواجهة ذلك وهزيمته، كما حدث ذلك عندما غزا صدام حسين الكويت، وكما تكرر ذلك عندما تآمرت إيران لإسقاط النظام في البحرين.
* *
هذا الحب الذي يطوق أعناق الجميع، ولقطر حصة كبيرة منه، لا يخدشه، ولا يقلل منه، ولا يعرضه للاختفاء، ما يفعله نظام تميم الآن، من خروج عن المنظومة الخليجية، ومن حرب على كل ما هو جميل في قطر ودول مجلس التعاون، ولا يجعله في حالة غياب، حتى مع تعاون النظام القطري مع النظام الإيراني لجعل الإرهاب متفشياً في دول مجلس التعاون أو بعضها، فقد عزز هذا من الحب بين مواطني دولنا، وكشف عن قصر النظر لدى نظام تميم، وأظهر شعب قطر بأنه باقٍ على الوعد والعهد، وأن الحب علامته وإضاءته في هذا السلوك الذي نلمسه من شعب قطر الشقيق.
* *
الملك سلمان سبقنا في البوح عن حبه لشعب قطر حين أعلن عن استضافته للحجاج القطريين على نفقته الخاصة وبضيافته، وحين أمر بتسيير سبع طائرات لنقل الحجاج مجاناً إلى مكة المكرمة؛ صحيح أن النظام القطري رفض هذه الإشارات عن حب سلمان للمواطنين القطريين، ومنع الحجاج من السفر إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج، وهدد كل من يخالف ذلك بمحاكمته حين عودته إلى قطر، إلا أن القطريين الذين عبروا الحدود عن طريق معبر سلوى الحدودي لم يكترثوا بتعليمات النظام، بينما منعت الطائرات السعودية من الهبوط في مطار الدوحة لنقل الحجاج، وبالتالي حرموا هذا العام من فرصة الحج على نفقة خادم الحرمين الشريفين، غير أن حب سلمان لأهله في قطر بقي علامة مضيئة في علاقة مواطني المملكة بمواطني قطر، ولم يؤثر عليها هذا التصرف الأحمق لنظام قطر، بدليل موقف الملك سلمان من حجاج قطر.
* *
الخلاصة، أن الخلاف مع قطر هو خلاف مع النظام، هو خلاف مع السياسة والتوجهات القطرية التي تؤثر على أمن واستقرار دولنا، أما مع مواطني قطر، فهم في القلب، أحباء وأهل وإخوة وتاريخ مشترك، وهذه العاصفة التآمرية من نظامي قطر وإيران سوف تمر دون أن تمس الثوابت أو تنال من الحب المشترك بين مواطني المملكة وقطر، وامتداداً بين مواطني قطر ومواطني الإمارات والبحرين ومصر، وباقي مواطني الدول الخليجية والعربية، كل عام ومواطني قطر وأمتنا بخير.